أضحى استقبال الوفود الرسمية في المقاهي الشعبية في الجزائر تقليداً دبلوماسياً يُحتذى به من طرف وزراء الحكومة في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وتحوّل هذا الفعل من مجرد “لقاء حميمي” بين الوزير التونسي ونظيره الجزائري الذي اعتبره الجزائريون “مفاجئا” وتطوّر إلى ترسيخ يشكل مفارقة بين الأعراف السائدة في العلاقات الدولية.

فقد استقبل وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي ضيفه رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في مقهى شعبي وسط الجزائر العاصمة، واختلف مظهر اللقاء عن سابقه (وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب) حيث بدا جلياً إحاطة العشرات من عناصر الشرطة الجزائرية بالزي المدني لطاولة الوفد الرسمي والمقهى الشعبي أيضاً.

وزيرا داخلية الجزائر وتونس في مقهى شعبي في الجزائر
وزيرا داخلية الجزائر وتونس في مقهى شعبي في الجزائر

ويرى الناشط معمر بودالي أن هذه المبادرة تحمل في طياتها رسائل ضمنية من شقين اثنين، ويعتقد بودالي في حديثه مع “العربية.نت” أن “الرسالتين واضحتين، وهما تأكيد على أن الوضع الأمني في تمام الاستقرار، وأن الحكومة الجزائرية تحظى بثقة الشعب”. ويوضح بودالي أن “الرسالتين موجهتان للخارج وليس للداخل”.

وقبل أن يستقر المقام برئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في المقهى الشعبي، جاب الضيف بعض شوارع الجزائر العاصمة التي فاجأه فيها أحد الجزائريين قائلاً: “سيد فالس أنت لست مرحباً بك هنا في الجزائر”، قبل أن يتم القبض عليه من طرف عناصر الشرطة بالزي المدني.

عبد العالي رزاقي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر
عبد العالي رزاقي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر

يرى الإعلامي محمد حمادي في الطريقة الجديدة التي يعتمدها وزراء الحكومة الجزائرية في استقبالهم للوفود الرسمية الأجنبية بأنها “رسالة واضحة للخارج على أن الجزائر آمنة في وقت تشهد فيه دول الجوار اضطراباً أمنياً خطيراً”، ويعتقد حمادي في حديثه مع “العربية.نت” أن المغزى واضح: “هناك أمان فالجيش يُؤمن الحدود الجزائرية، والشرطة تؤمن كل المدن والمحافظات”.

ويرى عبدالعالي رزاقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، في مقابلة مع “العربية.نت” أن “العلاقة بين بعض الوزراء الجزائريين ونظرائهم في الحكومة الفرنسية علاقة صداقة قديمة”، وأن هذا النوع من الاستقبال الرسمي الجديد “يرمي إلى التأكيد على أنه لا يوجد أي تهديد إرهابي في الجزائر، وأن استقبال الوفد الأجنبي الرسمي في مقهى شعبي يعطي انطباعاً بأن هناك علاقة جيدة بين الحكومة والشعب الجزائري”، لكن رزاقي تساءل: “هل يستطيع وزير جزائري واحد أن ينزل إلى الشارع أو السوق أو المقهى دون تعزيزات أمنية خوفاً من غضب الشعب؟” ثم أجاب في الوقت نفسه: “لا أعتقد ذلك!!”

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *