رغم المعروف عن طبيعة العلاقة القوية والتحالف الوثيق بين الولايات المتحدة ومصر، وهي العلاقة التي تنامت وتعززت نتيجة لتوقيع مصر لاتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979، إلا أن تلك العلاقة لا تخلو – في ما يبدو – من تعارض وتضارب، وصفته دوائر رسمية أمريكية بـ”تصلّب” وعناد من جانب المصريين.

بعض ملامح ذلك التعارض يظهر للسطح كثيراً في الآونة الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بالموقف الأمريكي من قضايا حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي في مصر، وهو الملف الشائك الذي بلغ ذروته أثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وعاد بشكل أقل حدة مع الانتخابات المصرية الأخيرة التي أبدت واشنطن تحفظات عليها.

علاقة شدّ وجذب

لكن ذلك التجاذب المصري – الأمريكي ليس منصباً على الشأن الداخلي فقط، بل يسري أيضاً على كثير من القضايا الإقليمية التي تتعارض فيها الرؤى بين البلدين.

وألقت وثائق كشف عنها موقع “ويكيليكس” أخيراً، الضوء على بعض جوانب علاقة الشد والجذب بين القاهرة وواشنطن. ورؤية الرئيس المصري حسني مبارك للعديد من قضايا وشؤون المنطقة.

وفي وثيقة كتبتها مارغريت سكوبي، السفيرة الأمريكية لدى القاهرة، في فبراير/شباط 2009، موجهة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، قبيل أول زيارة رسمية لها للقاهرة بصفتها الوزارية، تلخص السفيرة نقاطاً مهمة في طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية، وتكشف رؤية الرئيس المصري حسني مبارك للعديد من قضايا المنطقة.

وطبقاً للوثيقة التي نشرت مقتطفات منها صحيفة “يديعوت أحرونوت” على موقعها الإلكتروني، بدأت السفيرة بمقدمة عن وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط الذي وصفته بالشخص اللطيف والذكي ولديه ميل للتنظير “الخطابة” واستعداد للدفاع بكل السبل عن كل الإخفاقات المصرية في سبيل إعلاء السيادة المصرية.

وتعقب سكوبي على ذلك بقولها: “إن المصريين يرون أحياناً أن واشنطن تتجاهل نصائحهم وتحاول فرض وجهة نظرها عليهم”.

حليف عنيد

وتخلص السفيرة السابقة إلى انه “على الرغم من أن المصريين سيكون رد فعلهم جيداً في حالة إظهار الاحترام والتقدير لهم، فإن مصر كثيراً ما تكون حليفاً عنيداً ومتمرداً”.

وبناء على تلك الخلفية تنصح سكوبي كلينتون بأن “تشكر أبوالغيط على مواصلة بلاده دورها القيادي في المنطقة، وتحثه على مواصلة جهودها للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ودورها في محاولة لمّ شمل الفصائل الفلسطينية وتحقيق المصالحة بينها”.

ولم تنس السفيرة أن تنصح كلينتون بمطالبة المصريين بالقيام بدور أكثر فعالية لضمان عدم إعادة تسليح حركة حماس عن طريق تهريب السلاح عبر أنفاق غزة.

وتؤكد سكوبي أنه على الرغم من عدم الحماس الذي يبديه المصريون أحياناً لبعض نتائج المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية، فإن العمل للتوصل لاتفاق سلام نهائي بين الطرفين يظل هدفاً استراتيجياً رئيساً للمصريين.

وفي تلك الجزئية تقول سكوبي: “المصريون فخورون بدورهم في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيلين، ويدركون بشكل جيد أنهم ربما يكونون اللاعب الوحيد القادر على الحديث معنا ومع الإسرائيليين وكل الفصائل الفلسطينية”.

رفض الحصار

ثم تكشف سكوبي ربما عن الجزء الأهم في تقييمها عندما تعرضت لموقف الرئيس المصري الثابت والرئيس من عدد من قضايا المنطقة وشؤونها، ومنها حماس وإيران وسوريا.

فبالنسبة لحماس، وعلى عهدة السفيرة الأمريكية، يرى مبارك أن حماس تمثل خطراً مثلها مثل الإخوان المسلمين التي يعتقد أنها أكبر تهديد سياسي داخلي له.

وأضافت السفيرة “ترى مصر أن حماس قوية ومسلحة تمثل تهديداً لأمنها القومي، مستشهدة بواقعة تفجير الفلسطينيين للجدار الحدودي بين سيناء وقطاع غزة في يونيو/حزيران 2007 وتدفق أكثر من نصف مليون فلسطيني لمصر.

وعلى عكس ما حاول البعض ترويجه عن طبيعة دور المصريين وموقفهم من حصار إسرائيل لغزة تؤكد سكوبي أن “مصر لن تقوم بأي عمل يمكن أن يفسّر على أنه تواطؤ مع إسرائيل لحصار غزة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن وثائق أخرى كشفها موقع ويكيليكس، أوضحت أن مصر وحركة فتح رفضتا طلباً من إسرائيل بتأييد هجومها على قطاع غزة في أواخر عام 2008.
كُره عميق لإيران

وتصل سكوبي للأخطر في رسالتها، ونقصد إيران وطبيعة الرؤية المصرية لها ولدورها في المنطقة.

وتنقل سكوبي أن مبارك قال للسيناتور جورج ميتشيل خلال لقاء جمعهما في القاهرة “أنه (مبارك) لا يعارض مباحثاتنا مع الإيرانيين طالما أنكم لن تصدقوا كلمة مما يقوله الإيرانيون”.

وتقول سكوبي: “مبارك لديه كُره عميق للجمهورية الإيرانية الإسلامية، ويشير دائماً للإيرانيين على أنهم كاذبون ويسعون لزعزعة استقرار مصر والمنطقة، وأن السوريين والقطرين متملقون لإيران، وأنهم يخادعون أنفسهم”.

وتضيف “لا يوجد أدنى شك أن مصر ترى في إيران التهديد الأخطر لها على المدى البعيد”.

كما تطرقت السفيرة لتذكير مبارك الدائم بتحذيره للمسؤولين الأمريكيين من غزو العراق ولكنهم لم يستمعوا لنصائحه.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. منالصعوبةان تفهم موقف الرئيس المصرى حسب الوثيقة فاذا كان يتخوف الى هذه الدرجة من ايران لماذا لم يقف موقف قوى تجاة احتلال العراق و اضعافة الى تلك الدرجة ؟؟؟بعد 13 سنة من الحصار الخانق ؟؟ والعراق كان من طالب باعادة مصر الى الجامعة العربية بعد اتفاقية السادات مع اسرائيل اثر تجمد عضويتها في الجامعة العربية ؟؟ المهم الان يعيشون العرب الخوف الحقيقي من ايران في العراق وسوريا ولبنان والخليج واكثرهم السعودية وينتظرون العون والدعم والحماية من اكريكا في حين كان العراق يوقف ايران عند حدها في اكثر من مناسبة او منازلة وحمى دول الخليج التى تنكرت له وترك ليواجه الاطماع الاميركية الايرانية ؟؟ فهل كانت لعبة تقاطع المصالح ام اختبار للنوايا بانتظار الخطوة التالية بعد العراق ؟؟؟

  2. أن كان الساسة في مصر يرون في ايران البعيدة الآف الكيلومترات التهديد الأكبر لمصر وليس ال 200 رأس نووي على الحدود فهذه فعلاً مصيبة. يا عالم ألا يوجد عاقل في هذا النظام يفكر في الأمن القومي لمصر. ألا يوجد عاقل يقوم بما يفعله الأتراك من وضع كتاب عن التهديدات والمخاطر التي قد تواجه البلد في السنوات المقبلة. هل هذا أمر صعب إلى هذا الحد

  3. اتفق معه ولكن خلاف بسيط جدا الا وهو ان يستبدل حركة حماس بنفسه وحكومته اعتقد ان ذلك سيكون اقرب للحقيقة والواقع

  4. لنكن واقعيين بعض الشئ لماذا هذا الكره الدفين لايران.يبدو لي ان الرئيس مبارك لا يطيق شيء اسمه اسلام.فها هو يكره الاخوان، حماس، ايران.واكيد الاصدقاء هم امريكا والجارة البريئة (اسرائيل).

  5. الحكّام العرب مشغولين بإيران الّي عم تتقدّم في كل شيء يوم بعد يوم، و نسيانين شعوبهم الّي محتاجين على الأقل خطوة واحدة للأمام.

  6. شو المتوقع من هذا العجوز اللذي ان شاء الله ملعون
    انا اتمنى ان يبقيني الله على قيد الحياة لارى كيف ستكون نهايته
    فالطغاة نهاياتهم معروفه

  7. نهايتك يا طاغيه ..
    نهايتك ستكون كنهايه فرعون لعنه الله وكنهايه شارون سود الله وجهه ..
    اللهم انتقم منه وارنا في يوما خبيثا
    ااااامين

  8. في احدى الزوايا علق صديق ونسيت من هو وقال نشر الفضائح على موقع ويكيليكس موافقة عليه امريكا او امريكا اعطت الضوء الاخضر عليه والدليل ماهو مذكور في هذا التقرير على انه يوجد مشاكل بين النظام الحاكم في مصر وبين امريكا والجميع يعرف ان النظام الحاكم هو عبارة عن سوط امريكا واسرائيل (ولايزعلوا اصدقاء الموقع المصريين هنا اقول النظام الحاكم وليس مصر او المصريين ودائما بكتب هي الملاحظة لاني بعز المصريين وبحترمهم جدا اصحاب نخوة وشهامة)

  9. كلما كبرت السن زادت الحكمه وكلما زادت الحكمة زاد القرب من الله.ولكن هذا العجوز كلما كبرت سنه زاد جهله وكلما زاد جهلة زاد خوفه على الدنيا وكلما زاد خوفه على الدنيا زاد خوفه من اسيادة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *