كشف خبير اقتصادي لـ “العربية.نت” أن بنوكاً لبنانية بدأت تجميد حسابات لشخصيات محسوبة على حزب الله، وذلك امتثالا لتطبيق لائحة العقوبات الأميركية، مؤكداً أن النظام التطبيقي الخاص بالقانون الاميركي الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية في 15 أبريل الماضي جاء ليدرج نحو 100 اسم في لائحة العقوبات الأميركية “وسنشهد المزيد من الأسماء المدرجة على هذه اللائحة السوداء في القريب العاجل كما مزيد من اللوائح المشابهة”.

وأشار د.غازي وزني إلى لجوء بعض المصارف اللبنانية فعلاً إلى تجميد وإقفال حسابات لنواب ووزراء وأشخاص مقربين لحزب الله في بنوك لبنانية، مشدداً على أن الحظر في القانون يتناول العمليات أينما كانت وبجميع العملات بما فيها الليرة اللبنانية والأورو وليس الدولار الأميركي فحسب.

وعزا وزني موقف نواب ووزراء حزب الله في الحكومة إلى مغالاة بعض المصارف اللبنانية في تطبيق القانون الأميركي، “إلى جانب الاستنسابية والعشوائية في تطبيق الإجراءات، إذ إن توطين رواتب الوزراء والنواب المنتمين الى الحزب لا يخضع الى قوانين الإرهاب وتبييض الأموال، وما شابه، لأن هذه الرواتب معروفة المصدر”.

لكنه عاد وأكد أن البيان الصادر عن الحاكم رياض سلامة الأول من أمس أعاد المصارف اللبنانية إلى إطارها الصحيح، جازماً أن ملف العقوبات الأميركية هو ملف شائك بامتياز لا يمكن معالجته إلا من خلال توافق بين مختلف مكونات السلطة اللبنانية.

الى ذلك يعتبر امتثال المصارف اللبنانية لتطبيق لائحة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب هو تطبيق للمعايير والقوانين الدولية المستحدثة، غير أن وقعها الآن بات أقوى في ظل التطورات الدراماتيكية مع ارتفاع حدة التوتر بين مسؤولي “حزب الله” ووزرائه في الحكومة والمصارف اللبنانية على خلفية إصدار المصرف المركزي التعميم 137 في 3 مايو الجاري بما يتناسب مع مضمون القانون الأميركي رقم 2297، الأمر الذي اعتبره الحزب مصادرةً لسيادة لبنان النقدية!
صراع حزب الله – المصارف

ويأتي هذا “الصراع” الرسمي – المصرفي في ظل ارتفاع التحذيرات الموجهة لمصرف لبنان بضرورة ألا يفضي التنفيذ لقانون العقوبات الأميركية ضد “حزب الله” وبالتالي الحصار المالي الأميركي على عناصره، إلى الإضرار بالشمول المالي ناهيك عن التأثير المحتمل على حركة التداول في القطاع المصرفي.

وما الحركة المكوكية التي تشهدها الساحة اللبنانية الداخلية بين كبار المصرفيين، إلى جانب اللقاءات التي يقودها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه محمد بعاصيري في الخارج مع المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية إلا خير دليل على ضرورة حماية العلاقة القائمة بين المصارف والحكومة.

وهنا، السؤال يطرح نفسه حول إمكانية النجاح في تحقيق التوازن بين محاولات الكونغرس الأميركي عزل حزب الله عن النظام المصرفي العالمي من جهة، وحماية الاقتصاد اللبناني ونظامه المصرفي من جهة أخرى.

في المبدأ، يتعلق التعميم الوسيط لمصرف لبنان رقم137 بأصول تعامل المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان مع القانون الأميركي وأنظمته التطبيقيّة، وهو يتناول منع ولوج “حزب الله” الى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات.

ويستند إلى إبلاغ هيئة التحقيق المنشأة لدى مصرف لبنان لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بالحسابات التي أقفلها أو جمّد أرصدتها أو رفض التعامل مع أصحابها المدرجين في اللوائح الأميركية، الأمر الذي أعطى المصارف المحلية حجة قانونية لتطبيق النصوص الأميركية .

من هنا، يخشى المصرف اللبناني المحلي، في حال عدم تطبيقه القانون المذكور ونظامه، إدراجه في لائحة العقوبات SDN الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC في وزارة الخزانة الأميركية، وتالياً اقفال المصارف الأميركية والأوروبية المراسلة حساباته لديها وقطع التعامل معه.
غافي…. لبنان مستوفياً الشروط الدولية

إلى ذلك أعرب عن ارتياحه للتقدم الذي سجله لبنان على صعيد تثبيت سمعته المالية الدولية، بإصدار القوانين المالية الأربعة التي أقرها مجلس النواب انسجاماً مع القواعد المصرفية العالمية والمعاهدات الدولية المعمول بها. كذلك أشاد بـ “أداء السلطة المالية والنقدية التي نجحت في بناء شبكة أمان حول القطاع المصرفي اللبناني لكونه الركيزة الأساسية للاقتصاد اللبناني، وآخر مستجداتها اعتبار GAFI أن لبنان أصبح مستوفياً كل الشروط الدولية”.

تجدر الإشارة إلى أن المقررات الدولية الناظمة للعقوبات والأطر القانونية في هذا السياق واضحة، لاسيما ما بدأ به التشريع المالي الدولي انطلاقاً من القرار 1373 عام 2001، مروراً بالقرار 1390 عام 2002 وصولاً إلى مجموعة القرارات الدولية التي صدرت نهاية العلم 2015 لاسيما القرار 2297 .
حزب الله على اللائحة السوداء

وكان حاكم مصرف لبنان قد أوضح في بيان “أنه خلال الاجتماع الأخير لهيئة التحقيق الخاصة (التابعة للمصرف المركزي)، تم التوافق على المبادئ الأساسية التي سنتابع بموجبها، ومن خلال هذه الهيئة، تصرفات المصارف مع زبائنها بخصوص تطبيق تعميم مصرف لبنان رقم 137، مشيرا الى ان تلك المبادئ هي: باستثناء الحسابات العائدة لأشخاص أو مؤسسات مدرجة أسماؤهم على اللائحة السوداء الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية “OFAC”.
أبرز تلك المبادئ:
– على المصارف التي تريد إقفال حسابات مؤسسات أو أشخاص لأنها تعتبرها مخالفة للقانون الأميركي أن تقدم التبرير لذلك قبل إقفال الحساب.

– يجب أن يتضمن التبرير حركة الحساب (الوتيرة/الحجم).

– على المصرف أن ينتظر ردا من هيئة التحقيق الخاصة قبل إقفال الحساب، وإن لم يبلغه الردّ خلال 30 يوماً، يتصرّف عندها المصرف على مسؤوليته.

– يمكن للمصارف ولهيئة التحقيق الخاصة طرح الموضوع على الهيئة المصرفية العليا إن اقتضت الحاجة، علماً أن قرارات هذه الهيئة غير قابلة للمراجعة وفقاً للقانون اللبناني.

ومواكبةً للتطورات، عقد اجتماع يوم أمس الأربعاء بين وفد جمعية المصارف ووزير المال علي حسن خليل، حيث تم الاتفاق على معالجة أزمة حزب الله وجمعية المصارف بعيداً عن الإعلام. ثمّ زار الوفد النائب علي فياض في مكتبه في ساحة النجمة وجرت محادثات مباشرة هي الأولى بين جمعية المصارف و”حزب الله”.

وقد تزامنَت عودة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى بيروت أمس حيث من المرجّح ان يجتمع سلامة الذي بعثَ بنائبه محمد البعاصيري الى الولايات المتحدة للبحث في هذا الملف، مع جمعية المصارف للتداول في اقتراحه الأخير حول إصدار هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تعميماً ينصّ على إلزام المصارف، وقبل إقفال أيّ حساب، إحالة الطلب إليها للنظر فيه وإصدار رأيها في مهلة 30 يوماً.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *