لم تتخرّج لطيفة قصير 46 عاماً من كلية العلوم الاجتماعية كما كانت تخطط. كان أمامها أشهر قليلة قبل أن تحمل شهادة الجدارة تحضيراً لانتقالها من العمل في المحاسبة الى العمل بشهادة جامعية.
لم تتخرّج لطيفة قصير من الجامعة، بل خرجت من الحياة كلّها. لطيفة التي ظنت أن الطلاق من زوجها ابراهيم طالب سيكون خاتمة أحزانها التي امتدت أكثر من عشر سنوات منذ العام 2000 وصولاً الى الشهر الماضي، حين قتلها زوجها السابق بطريقة وحشية منهيا آلامها، ثم حاول وضع حد لآلامه بتناوله زجاجة من «الديمول».
لطيفة تزوجت ابراهيم في العام 2000. كان يومها رجلاً مقتدراً مالياً، عائداً من سنوات هجرة طويلة في ألمانيا، مع أخلاق وموقع اجتماعي لا بأس بهما. لكنها اكتشفت بعد عامين فقط أن ابراهيم يتعاطى المخدرات.
لم يجد الزوج طائلاً من اخفاء ادمانه، وبدأ يتعاطى أمام زوجته، في المنزل، وفي شكل يومي. حينها، بدأت معاناة لطيفة، ورغم أنّها كانت أنجبت ابنتها جنى، قررت أن تطلب الطلاق.
طبعا، لقي الطلب رفضاً في مجتمع ملتزم دينياً، يفضل حلّ الأمور بالتي هي أحسن، لأنّ «أبغض الحلال عند الله الطلاق». وبعدما وعد ابراهيم بأنّه سيقلع عن تعاطي المخدرات، وافقت على اعطائه واعطاء عائلتها الجديدة الفرصة.
ثم أثمرت هذه الحياة خليل الذي ولد في العام 2004 لكنّ ابراهيم لم يفِ بوعده. عاد الى التعاطي وعادت الحياة سوداء في عيني لطيفة. غير ان العائلة كانت تثنيها عن طلب الطلاق.
شقيق لطيفة الاعلامي قاسم قصير لا يحمل الزوج السابق وحده المسؤولية، بل المجتمع في شكل عام. فهو يعتبر أنّ «المرأة، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة أو مطلقة أو أماً أو أختاً، تظل الحلقة الأضعف في المجتمع العربي الاسلامي. فاذا كانت زوجة تكون مطالبة بأن تدفع الثمن، واذا صارت مطلقة تصير ظروفها أصعب لأنها لا تستطيع العيش وحدها بسهولة، وتصبح نظرة المجتمع اليها مختلفة».
ويضيف «ربما كانت أزمة أختي انها مطلقة تعيش مع أولادها، فاستطاع الزوج أن يعتدي عليها، ولم تتأمن لها الحماية المطلوبة».
ويروي أنّ كيفية حماية أخته كانت احدى نقاط السجال في العائلة، بعد محاولتين للاعتداء من الزوج السابق. في المرة الأولى، تدخل الولدان واتصلا بأخوالهما الذين وصلوا في الوقت المناسب. وفي المرة الثانية تدخّل الجيران. اما في المرة الثالثة فكان ابراهيم قد أعدّ العدّة جيدا، تخطيطاً وتنفيذاً، واختار التوقيت المناسب بعدما تأكد ان زوجته السابقة وحيدة.
قصير، أو الحاج قاسم كما يناديه أصدقاؤه وأقرباؤه، يلفت الى القوانين الغربية التي تحمي المرأة المطلقة من زوجها السابق، كما في أوروبا والولايات المتحدة، وتمنعه من مجرد الاقتراب من مكان وجودها، بحيث تصل الشرطة فورا اذا اقترب من منزلها، حتى من دون أن تتصل هي بالمعنيين.
ولا يجد قصير الملتزم دينياً، والمعروف بقربه من مجتمع «حزب الله»، حرجاً في تحميل المسؤولية للفقه والدين: «رغم أن النظرة الكلية للاسلام تنصف المرأة وتعترف بأنّها تساوي الرجل، فان الاجتهادات الفقهية ليست لمصلحتها، فحضانة الأولاد تبقى لها حتى سن معينة للأطفال. كذلك، فان الطلاق صعب جداً اذاً طلبته المرأة، وهي تحصل على النفقة من الرجل بشق النفس».
تلك هي بالضبط حال لطيفة، التي دفع أخوتها مبلغاً لا بأس به للزوج كي يوافق على الطلاق في نهاية العام الماضي، بعدما أقلق راحة العائلة لسنوات، كانت لطيفة «تعيش وتموت كلّ يوم خلالها».
التضحية القصوى
لكنّ صعوبة الطلاق من دون موافقة الزوج حالت دون اتمامه بسرعة. ولأنّ ابراهيم لا يريد تربية الولدين، أو لأنّه لا يستطيع الانفاق عليهما، وافق على أن يبقيا مع والدتهما.
وسط هذه الاجواء، كانت لطيفة أمام خيارين: اما أن تتخلى عن الولدين وتقيم مع أهلها محمية ومؤمّنة، واما أن تعيش مع الولدين في شقة مستقلة، بعدما باع ابراهيم شقته في بيروت وبيته في الجنوب وحتى كليته بثمانية ملايين ليرة من أجل تعاطي المخدرات. واختارت لطيفة أن تحتفظ بالولدين وتخاطر بحياتها، رغم اعتداءات زوجها المتكررة عليها، «ربما لأن المرأة في مجتمعنا تجد في الأولاد حماية مستقبلية وضماناً»، على قول شقيقها.
كانت تعمل محاسبة منذ سنوات بعدما انهارت الامكانات المالية لزوجها. ودرست في موازاة ذلك العلوم الاجتماعية لتترقى في وظيفتها وتتمكن من اعالة ولديها.
لا يستثني قصير ايضاً القوانين الوضعية من انتقاده، كما هي حال مشروع قانون العنف ضد المرأة، العالق في أدراج مجلس النواب منذ فترة طويلة، ومشروع حضانة الأطفال العالق بدوره في لجنة الادارة والعدل النيابية، اضافة الى قوانين أخرى مجحفة بحق المرأة اللبنانية، مثل منعها من اعطاء الجنسية لأولادها اذا كانوا متحدرين من أب غير لبناني: «هكذا، تترك المرأة اللبنانية للحماية الشخصية والعائلية التي لا يمكن ان تكون كاملة ودائمة».
اقامت لطيفة مع ولديها، وكان ابراهيم قد أعدّ العدّة. أخذ مفتاح المنزل الجديد من الطفلة جنى، بعدما أوهمها أنه يريده من أجل تحضير مفاجأة لها. ثم اختار الوقت الذي تكون فيه لطيفة في المنزل في انتظار عودة الولدين من المدرسة وقرع الباب.
فتحت لطيفة الباب ليبدأ «مسلسل» تعذيب انتهى بخنقها. ويؤكد القريبون منها انها تعرّضت لعنف كبير، بدليل البقع على أنحاء مختلفة من جسدها، اما لأنها كانت تقاوم ابراهيم المتهم بقتلها الى أن يصحو من غيبوبة «الديمول» وتثبت ادانته، واما لأنّه عذبها قبل أن يخنقها.
نفذ ابراهيم فعلته ثم توجه الى مكان آخر حيث شرب زجاجة «ديمول» بهدف الانتحار، لكنّه دخل في غيبوبة لم يخرج منها حتى اليوم. وبعد وقت قليل، وصلت جنى الى المنزل لتجد والدتها ملقاة على السرير من دون حراك. حاولت عبثا أن توقظها ثم استعانت بالجيران الذين اتصلوا بالعائلة والقوى الأمنية.
«انتقام» من الطلاق
في رأي قصير انه عندما طلق ابراهيم لطيفة «شعر بأنه أقدم على عمل من دون وعي فبدأ محاولات استرجاعها. وحين رفضت اعتدى عليها مرة ومرتين، وفي النهاية، بحسب ما قالت والدة المتهم في التحقيق، قرر أن ينتقم منها».
الولدان لا يزالان مع عائلة الأم في انتظار قرار القاضي، ووالدهما في غيبوبة والجد (والد الاب) متوفى منذ سنوات وجدتهما لابيهما لم تطلب حفيديها حتى الآن.
قضية لطيفة قصير لم تترك صدى كبيرا في المجتمع اللبناني على غرار جريمة قرية كترمايا المزدوجة اخيرا. واكتفت بعض الهيئات النسائية باعتبارها قضية أساسية لتفعيل المطالبة بقانون منع العنف ضد النساء.
اليوم، يحاول ذوو لطيفة احتضان الولدين، ويعتبر المحيطون بهما ان تأثير الحادث لن يظهر عليهما الا على المدى البعيد. الأطباء النفسيون طلبوا أن يشاركا في تشييع الام ليستوعبا ما جرى، علماً انهما لم يصدّقا بعد ان والدتهما رحلت وينتظران عودتها.
ويؤكد قصير ان «المشكلة الأساسية اليوم ليست الاقتصاص من المجرم الذي يوشك الموت، بل كيفية الاهتمام بالولدين وتأمين حياة لائقة لهما، وخصوصاً أن الام استشهدت من أجل حمايتهما وتربيتهما».

الرأي الكويتية

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫19 تعليق

  1. الله يرحمها مسكينة عاشت مأساة وماتت مقتولة
    بمجمتعاتنا الشرقية الاختيار الخاطئ لشريك الحياة معظم الاحيان يكون خطأ لايغتفر وتعيش المرأة عمرها كله وهي تدفع ثمن هذا القرار الخاطئ سواء تطلقت او استمرت من اجل الاولاد كل ماينتج عنه من تبعات تتحمله المرأة فقط
    مساكين اولادها الله يكون معهم

  2. المسكين الزوج ايه ذنبو في هذا الزواج المسكين احسن شيء قتلها و ارتاح يا هيك الأزواج يا بلا 😉

  3. المسكين الزوج ايه ذنبو في هذا الزواج المسكين احسن شيء قتلها و ارتاح يا هيك الأزواج يا بلا
    اؤيد

  4. المسكين الزوج ايه ذنبو في هذا الزواج المسكين احسن شيء قتلها و ارتاح يا هيك الأزواج يا بلا

  5. الله يرحمها مسكينة عاشت مأساة وماتت مقتولة
    والله اسفق على النساء الضعيفات امثال لطيفه

  6. Al meskin jawz ! ento ya afa3i ! ley meskin min allou yt3ata lmoukhadarat wyenhi hayatou whayat ghayro, ya wlad lharam ento ! badkon azwajkom ta3mel hek fikon ! bala rahme wala chafaka ! Albkon malen heked lanisa2 whayda liano ento nisa2 bimoujtama3atikoun mabet2dro halkon wala woujoudoukom ! aya emra2a bel kon bet2oul halhake ya hek rjel ya bala ! nchala allah yeblikon mazel hek

  7. الله يرحمهاويرحم موتانا عاشت مظلومةوماتت مقتولة مرة ثانية الله يرحمها

  8. لا حول ولا قوه الا بالله
    مسكينه زهبت ضحيه رجل مستهتر
    مازا حدث للرجل العربي
    ولمازا صار عدواني
    اين وصيه الرسول الكريم لنا عندما قال رفقا بالقوارير؟
    اوليس ابنائنا فلزات اكبادنا علي الارض تمشي؟.

  9. أحوال المرأة العربية تحتاج لاعادة صياغة .. لكن مش على طريقة الامم المتحدة .. كفاية الالتزام بالسنة النبوية

  10. *لقي الطلب رفضاً في مجتمع ملتزم دينياً، يفضل حلّ الأمور بالتي هي أحسن، لأنّ «أبغض الحلال عند الله الطلاق»
    الجملة هاته مغالطة للواقع لايوجد مجتمع اسلامي ملتزم يقبل ان تهان ابنته وانما العادات والتقاليد والاعراف هي التي تدفع بالبنت بالصبر اكثر والمحافظة على بيتها حتى لو كان منهارا

  11. المرأة، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة أو مطلقة أو أماً أو أختاً، تظل الحلقة الأضعف في المجتمع العربي الاسلامي. فاذا كانت زوجة تكون مطالبة بأن تدفع الثمن، واذا صارت مطلقة تصير ظروفها أصعب لأنها لا تستطيع العيش وحدها بسهولة، وتصبح نظرة المجتمع اليها مختلفة
    لاحول ولا قوه الا بالله العلي العظيم
    اللهم اصلح مجتمعنا العربي

  12. *لقي الطلب رفضاً في مجتمع ملتزم دينياً، يفضل حلّ الأمور بالتي هي أحسن، لأنّ «أبغض الحلال عند الله الطلاق»…
    لا أدري لم نعلق على شماعة الدين كل عيوب مجتمعاتنا وقوانيننا الوضعية؟
    ومن ثم نشتاط غضبا حين يقتنص الغرب مثل هذه الحوادث ليسيء لنا ولديننا!!!!نضع الحبل حول رقابنا ومن ثم نعترض إن سحبوه..
    هذا الكلام مناف للشريعة الإسلامية حيث أن هذا الرجل إنسان غير سوي …يرتكب إحدى الكبائر ،فهو يتعاطى السم الهاري ومن ثم يعيش في عالم آخر ..فلا يقوم بأبسط وأدنى واجبات المسلم تجاه خالقه ومن ثم لا يقيم عامود الدين ألا( الصلاة)..ومن هنا تحرم عليه أصلا ،و شرعا يجب الفصل بينهما .. هذا هو ديننا الذي لا يرضى للزوجين غير حياة سوية لبناء أسرة سوية وأطفال أسوياء.
    أما الجانب الآخر من تحريم السموم التي تذهب العقل والوعي بمدارك الأمور فهو ليس منعا لضر الإنسان بنفسه بل بمن حوله أيضا فمن باب منع الضرر بالآخر وهو (الزوجة)كان الفصل أولى إن لم يكن الحكم بالوجوب أصلاً…والله أعلم..رحمها الله ولكن منذ أن اكتشفت الموضوع كان عليها تركه دون تردد أو تفكير بغير نفسها وربها .إذ بقاؤها معه هو إقرار بالمنكر…رحمها الله

  13. لا حول ولا قوة الا بالله
    الله يرحمهااااااااا ويعين اولادها واهلها ع ه مصيبة يلي اصابتهن
    طيب يعني معقول مجتمع هيك ظالم بحق المرأة ممنوع طلاق وممننوع تقول كلمة حق يعني هيك تمووووووت بي ايدين ه غبي مستهتر واحد متعاطي بدنا نقول عنو رجال
    يا ويليييييييييييييييييييييي شو عم يصير فينااااااا صار قتل عادة عندهن وسمعها
    مألوف ئلنااااا
    استغفر الله العظيييييم ولله شي بيبكييييييي

  14. الله يرحمها ويصبر أهلها، بالفعل لا ادري لماذا دائما المرأة مظلومة ولا يحق لها ما لايحق للرجل، وكما قال اخواني بتعليقاتهم ان الدين بعدي كل البعد عن ظلم اي انسان بالمجتمع ولكن هي عاداتنا وتقاليدنا المهترئة التي تجبر المرأة ان تصبر وتتحمل حتى لا تكون بنظر المجتمع مطلقة، الأهل والمجتمع يفضلون بأن تموت المرأة مليون ألف مرة ولا ان تتجرأ وتطلب الطلاق، انظرو ما حصل لهذه المسكينة ودون ذنب!!!!! اعاننا الله على باقي هذه الحياة وأصلح الله من مجتماعتنا العربية المتخلفة التي تحرم على المرأة ان تكون مرتاحة بحياتها،،،، اذا الله سبحانه أحل الطلاق اذا ام تستقيم الحياة بين الزوجين، فمن هو المجتمع او العادات والتقاليد لتمنع ما أحله الله ؟؟؟؟؟

  15. رحمها الله و اسكانها فسح جنة و صبري للأهلها وواديها و يجب ان تقوم الدولة البنانية و الخاصة المحكمة بدراسة و اعطاء الحقوق المراءة كاملة

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *