الأخطاء تصبح معالم على الطريق اذا استطاع المرء أن يستفيد منها ويحولها الى تجارب ، وتصبح فقط اخطاء اذا مرت بالمرء ثم مرت عليه ، وقدد تتحول فى النهاية الى خطايا يذهب بسببها الى السجن وربما الى المشنقة . والذى يساعده الحظ فينجو من السجن والمشنقة رغم اخطائه ، يصبح مجرد حيوان ليس له غد ولم يكن له امس .
لقد كانت حياتي سلسلة من الأخطاء استفدت من بعضها ولم استفد من البعض الآخر وأرجو أن يستفيد منها القراء ، فبقدر ما كانت تلك الحياة عاصفة بقدر ما كانت مثيرة وبقدر ما كانت بائسة بقدر ما كانت عريضة ، ورغم الظلام الذى اكتنف حياتي ورغم البؤس الذى كان خليلي ودليلي الا انني لست نادما على شيىء لقد كانت تلك الايام حياتي ومنها خرجت ، فقد عشتها ولعنتها ولكنني احببتها كثيرا .
تقول سيدة لزوجها الذى توفاه الله فى احدى الروايات العالمية وكان يرفض الدفن
ترفض الآن الموت وكنت من قبل تلعن حياتك ، لم تكن تلك حياة ، بل كانت محنة ، فقد كنت على الدوام عاطلا من اى موهبة ، وفى اغلب الأحيان عاطلا عن العمل ، تأكل اردء طعام وترتدى اسواء لباس وتدخن احقر انواع التبغ ، وعندما توفاك الله ظننت أنك ستسر كثيرا ، ولكنك الآن ترفض الدفن وتريد العودة للحياة . دعني اقول لك بصراحة ما أغباك فما كان اتعس حياتك .
ورد عليها الميت الذى يرفض الدفن قائلا كل هذا صحيح ولكنها كانت حياتي وأنا احبها .
هكذا اقول على اى وجه كانت الحياة فأنا احبها فقد كانت حياتي ، لقد عرفت كثيرا من الادعياء وقليلا من الاوفياء ووقفت دائما جانب ما هو حق ، وقاتلت فى صفوف العدل ، ودافعت عن ما اعتقده ، وكنت احيانا اعتقد ما ليس حق .
وخسرت كثيرا بسبب تهورى وكسبت بعضا بسبب موقفي ، وذقت كل انواع الحياة ولم احب الشجار او المكابرة وطول اللسان ، وعشت اياما فى فنادق فخمة ونمت احيانا فى الحدائق العامة وانفقت الفا فى ليلة وقضيت اياما ابحث عن قرش وعرفت عددا من المشاهير وصادقت عمالا ومتشردين وطفت ببلاد كثيرة ولا يزال اجمل مكان أحن اليه هو بلدي .
وعشت حياتي بالطول وبالعرض، ولست نادما على شييء الا على ما تورطت به عن حسن نية أو عن حب ، بسبب اندفاعي ورعونتي .
ولو عدت للحياة مرة أخرى لأخترت نفس الأحداث ونفس الأشخاص ،ولأخترت حياتي هذه ولتمسكت بأحزانها قبل افراحها وتعاستها قبل سعادتها . وتظل أمنيتي قطعة ارض فى قرية ابني عليها بيتا صغيرا اربي فيه الطيور والحيوانات وازرع بعضها ، ارتدي ثيابا بسيطة ، وامشي حافيا
ابو الطيب

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *