كتب باسم يوسف في الشروق:
«هاه!!!! حتتكلم على مين دلوقتى؟»

كم مرة سمعت هذا السؤال منذ عزل محمد مرسى؟

كتيييير.

يربط الكثير من الناس بين السخرية وبين تحطيم الأشخاص، أو باللغة الدارجة: «أنك تعلم عليه»، وهى عبارة مستوحاة من خناقات الشوارع و«التعليم على الوش» بالمطواة.

حين بدأنا البرنامج على الإنترنت ثم انتقلنا إلى التليفزيون كنا نعتبر أن هذه فرصتنا لتقديم طريقة جديدة للتعبير عن الرأى، وذلك عن طريق السخرية والكوميديا على قدر ما نستطيع.

وفى حين تقبل الكثير من الناس هذه الطريقة الجديدة اعترض عليها آخرون مرة بدعوى أنها حرام ومرة بدعوى إنها غير لائقة.

لكن فى الواقع الكثير من هؤلاء كانوا يعترضون فقط لأن اتجاه البرنامج وآراءه «مش على مزاجهم».

فالكثير من الإخوان المعجبين بالبرنامج فى موسمه الأول انقلبوا عليه لمجرد أدائنا أغنية (راب) ضدهم. وازدادت العداوة بالطبع فى الموسم الثانى حين قدم لنا مرسى ومقدمو البرامج الدينية مادة متجددة دائمة.

وعلى الناحية الأخرى كان البرنامج هو المفضل لأعداء الإخوان، ولكنهم لم يتحملوا فقرات قليلة سخرنا فيها من أحمد شفيق أو عندما انتقدنا موقفهم حين خرجوا لحصار مقر الإخوان فى المقطم.

فى بلادنا يربط الكثير منا موقفه من برنامج أو من مذيع ليس على أساس جودة ما يقدمه ولكن يقيمه على أساس اتفاق هذا المذيع مع آرائه.

يقولون لك: «قول اللى انت عايزه بس خليك موضوعى.. خليك محايد»

وتحتار أنت فى تفسير «محايد وموضوعى» لأنها فى الحقيقة تعنى «قول اللى على مزاجى»

يقابلنى أنصار السيسى ويبادرون بضربة استباقية فيحذرون: «اوعى تتكلم على السيسى» مع أنهم نفس الناس الذين كانوا ينتظرون البرنامج ليتكلم عن مرسى بل كانوا يقابلوننى بعد الحلقات، ويقولون: بس أنت كنت حنين عليه، وكأن السخرية تعنى أن أسب المرء بأهله و«أعلم عليه» حتى يرضوا.

حين أواجههم بذلك يكررون نفس كلام الإخوان من قبل من أنه «ما يصحش، أو أن مرسى يستاهل أو أن مش وقته أو منظرنا قدام العالم».

الحقيقة أنه لا يوجد تسامح لا من ناحية الإخوان ولا من ناحية من يطلقون على أنفسهم ليبراليين، فالكل يبحث عن فرعون على مقاسه.

على قناة الجزيرة عرضوا تقريرا وثائقيا مفاده أن البرنامج كان سببا مهما لسقوط مرسى. يعنى هم يسيئون لحكم مرسى أكثر مما أساء هو له بأن يقولوا إن برنامجا ساخرا يأتى مرة فى الأسبوع ومدته أقل من ساعة قادر على أن يسقط نظام حكم وتنظيم عمره أكثر من ثمانين عاما. وإن كانت حقيقة فهو دليل على هشاشة الحكم وليس قوة البرنامج.

عادة لا أتكلم عن البرنامج فى مقالاتى، ولكننى أتكلم اليوم عنه لأوضح بعض الأمور. لقد التزمت الصمت فى الأسابيع الماضية حين كنت أقرأ وأشاهد وأسمع الشائعات التى أحاطت بالبرنامج وتوقفه وعودته. ولذلك اخترت أن أوضح هذه الأمور لأن الموضوع له أبعاد أعمق من مجرد الحديث عن برنامج تليفزيونى.

توقفنا فى رمضان وعيد الأضحى لأنها إجازة معلن عنها سلفا. وتأخرت عودتنا بسبب فرض الحظر وخاصة أننا لا نصور البرنامج من داخل مدينة الإنتاج ولكن من وسط المدينة على بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير، فكان من غير المقبول أن نعرض فريق العمل والجمهور للخطر. وحين أعلن عن تخفيف الحظر اتخذنا قرارا بالرجوع وتم التأجيل مرة أخرى بعد وفاة والدتى، فاتخذنا قرارا بالرجوع بعد ذكرى الأربعين.

على مدى الأسابيع التى توقف فيها البرنامج راقبت بتعجب الشائعات والتحليلات والتكهنات، التى أصبحت أخبارا وأمرا واقعا، فهذا خبر عن وقف البرنامج وخبر آخر بمنعى من الظهور وإنهاء التعاقد مع المحطة بعد «أن أديت دورى» كما يقولون.

المثير للاهتمام أنه بعد أسابيع من التقريع والشماتة لأن البرنامج «اتمنع خلاص» وبعد أن أعلنا عن عودة البرنامج وأسباب التوقف تغيرت النغمة لـ«نتحداك أن تنتقد السيسى وعدلى منصور» وإذا فعلنا ذلك سيقولون إن ذلك ليس كافيا، أو إنها تمثيلية أو يطالبون بأن «اعمل فيه زى ما عملت فى مرسى»

طب يعملوا زى مرسى وأنا تحت أمركم!

لذلك إن كنت إسلاميا أو ليبراليا، محبا للعسكر أو الإخوان لا تقنع نفسك انك موضوعى أو حيادى، أنت متحيز ومتحامل مثلما تصف هذا المذيع أو هذه القناة.

يستخدم محبو السيسى نفس المصطلحات التى كان يستخدمها محبو مرسى.

هم لن يطيقوا كلمة عن السيسى، ودفاعهم عن الحرية والديمقراطية سيتوقف فى اللحظة التى تزعجهم نفس النكتة، التى كانوا يصفقون لها من قبل الإخوان لن يكفيهم أى نوع من الانتقاد أو السخرية إلا ما يريدونه هم، وسيعايرون من لم يقف معهم وينصفهم مع أنهم يطلبون ذلك ممن علقوا له صورا ترسم مشنقة حول عنقه، وأطلقوا عليه سلاح التكفير وطالب شيوخهم وقياداتهم علنا بإيقاف البرنامج، وذهبت بسببهم إلى النائب العام الذى ربما سأراه قريبا ولكن على يد ناس آخرين يحبون الحرية «زى عيونهم» أو على حسب المزاج.

أعترف أن الأمور الآن أصعب بكثير ليس لمجرد أن المادة الخام الآتية من القنوات الدينية أو من مرسى قد تضاءلت ولكن لأن المزاج العام أصبح مختلفا.

كيف نخرج ببرنامج ساخر وكوميدى وحديث الدم هو حديث الصباح والمساء؟ كيف نجعل الناس يضحكون وحياتهم اليومية مليئة بأحاديث عن الإرهاب والخوف والقتل؟

حين يعيش الناس فى حالة من الرعب والخوف والغضب والكراهية لا أحد يريد أن يستمع لصوت العقل فما بالك بالسخرية؟

حين يسألنى أحدهم «هتعمل إيه بعد كده.. هتضحكنا إزاى؟» أقول له إن برامج السخرية السياسية هى مرآة للمجتمع. إذا كان ما يحدث فى البلد «دمه خفيف» فسنكون كذلك. أما حين يكون كل ما يحدث فى البلد يدعو للاكتئاب فبدلا من أن نقول «طب ونجبلكم منين؟» سنبذل قصارى جهدنا لوضع ابتسامة على شفاه من أصابهم الملل من البرامج التقليدية وسنضحك معهم بدلا من أن نبكى.

التحدى كبير ولذلك أحب أن أجدد شكرى وتقديرى للفريق الرائع الذى أعتبر نفسى محظوظا لأن أقضى معهم وقتا أطول مما أقضيه مع عائلتى.

سيدى الفاضل لا أعدك أنك ستنفجر أحشاؤك من الضحك مع البرنامج ولكن نعدك أننا ستستمتع بما نفعله ليخرج لك منتج إعلامى مختلف بذلنا فيه قصارى جهدنا.

أعتذر مقدما لأنك لن تتفق مع كل شىء أقوله وربما ستكرهنا أو «ننزل من نظرك».

ولذلك أختم المقال بهذه الأقوال المأثورة:

«رضا الناس غاية لا تبغى»

«لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع»

«ولهذا خلق الله الريموت»

نراكم 25 أكتوبر بمشيئة الله

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫8 تعليقات

  1. وجهت والدة شهيد من شهداء فض إعتصام ميدان رابعة رسالة للإعلامى الساخر باسم يوسف  قالت فيها أنا نادية محمود بدران والدة الشهيد أحمد عبد الرحمن جلال وأن ابنها أستشهد بسبب دفاعه عن مبادئه وأفكاره وأنه كان متواجد فى رابعة أثناء الفض ولم يعد من لحظتها وبحثت عنه فى المشرحة ولم تجده فحمدت الله أنه لم يمت ولكن أيضا لم يعد ولم تجد اسمه بين المعتقلين إلى أن أشاروا عليها أن تقوم بتحليل DNA”  “لبعض الجثث المحترقة والتى لم يتم التعرف عليها وبعد وقت استلمت جثة ابنها محترقة تمامًا ولا يمكن التعرف عليه مضيفة أن ابنها تم حرقه حيا بعد إصابته  

     واسترسلت:- “عارف يا أستاذ انا بحكيلك الكلام ده ليه..انا عاوزاك تحط نفسك مكاني لو ابنك حصله نفس اللي حصل لأبني بالظبط ,كنت هتعمل أيه؟! ولو أنا اللي توجهي إسلامي وعملت برنامج يسخر ويحرض على كراهية الليبراليين أمثالك وبالفعل البرنامج لاقى نجاح مبهر بغض النظر هل أسلوب القص واللزق والتصيد للأخطاء أسلوب يتناسب مع الأخلاق المهنية أم لا..!! .

    وأختتمت:- “المهم جزء من الشعب كره الجزء الأخر وابنك نزل يدافع عن ليبراليته واعتصم وبسبب البرنامج بتاعي الناس كرهت الجزء التاني من الشعب اللي منهم ابنك وحرضت على مواجهته بكل عنف..! والشرطة والجيش دخلوا يفضوا الاعتصام ولاقوا ابنك مصاب في المستشفى الميداني وحرقوه وهو صاحي وفضلت شهرين تدور عليه وفاكر أنه معتقل وفي الآخر تستلم حتة لحمة محروقة ويقولولك هو ده ابنك!!! بالله عليك جاوبني كنت هتعمل فيا ايه ؟؟ “.

     

  2. احس انو انسان معتوه ووجهو ذو ملامح دراغولية
    او شيطان
    ناقص يركبولو اذنين طويلتين ويطولو في انيابو فقط
    اعوذ بالله منو ومن امثالو
    نور والله محزن كلامك لكن لمن تكتبين …
    فعلا محزن ان نرى مثل هذه المناظر في الدول العربية
    وان تصل الى حد الحرق حيا
    فلعنة الله على السيسي لانو هو السبب
    ♥ســـــــــــــــــيرينا♥

    1. أهلين سيرينا …للأسف هذه واحدة من القصص المحزنة والاجرامية اللي قام فيها السيسي ووزير داخليته ورجالهم لناس كل ذنبهم أنهم رفضوا يتنازلوا عما يعتبروه حق لهم .. وعم أحكيها حتى يسمعوها مؤيدي السيسي ويشوفوا شو جر هالإنقلاب من خراب وجرائم لمصر ويحطوا حالهم مكان أهل هالضحايا اللي انقتلوا برابعة وبغير أماكن في مصر ويشوفوا شو رح يكون رد فعلهم لو حصل لا سمح الله لحدا من أحبابهم هذا الشيء …ربنا ينتقم من السيسي وبشار على كل نقطة دم سالت

  3. سيرينا
    كان من المفروض على الشعب بكل فصائله الجلوس حول طاولة مستديرة و تقديم بعض التنازلات حقناً لدماء المصريين

    1. طبعا نهى كان المفروض
      الكبار من كل الطرفين يجتمعون
      لكن كل طرف يجري وراء مصالحه واصلا العرب ماعندهم لغة الحوار
      يلجئون للعنف والقوي طبعا يرفس الضعيف

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *