كتب أمين قمورية في النهار اللبنانية:
عدم توصل المجتمعين في جنيف الى اتفاق على تجميد البرنامج النووي الايراني، لا يعني ان الصفحة الجديدة التي فتحتها “ديبلوماسية الهاتف” بين اوباما وروحاني طويت بسرعة. فالزخم الذي أعاد المفاوضين الايرانيين والغربيين الى طاولة المفاوضات لا يزال قائما، والدفء الذي سرى في شرايين العلاقات الاميركية – الايرانية بعد النشاف الذي أصابها طوال 30 عاماً، لا يزال سارياً. وكل المؤشرات تدل على ان الاتفاق ممكن بين الطرفين ولو طال زمانه.
المسار الجديد للعلاقات الاميركية – الايرانية يرسم صورة مغايرة لما كان قائما قبل اشهر. علما انها ليست المرة الاولى يتعاون الطرفان، فقد سبق لهما ان تصافحا في أفغانستان والعراق لتحقيق مكاسب مشتركة قبل ان يفترقا مجددا. لكن حرارة الايدي هذه المرة تفوق مثيلتها في المرات السابقة وتوحي بقرب الاعلان عن تحالف دولي من نوع آخر، تحالف بين رأس “محور الشر” ورأس “قوى الاستكبار العالمي”. ولعل انفجار الغضب الاسرائيلي أكبر علامة على هذا التحول الاستراتيجي الذي فاجأ العالم منذ أشهر.
ليس سراً انزعاج السعودية من تقارب حليفتها الكبرى واشنطن مع غريمتها الاقليمية اللدود ايران. فهذا التقارب قد يأتي على حسابها وخصوصاً في الساحات التي صادر فيها النفوذ الايراني مواقع مؤثرة على حساب النفوذ السعودي – العربي، ولا سيما منها سوريا بعد العراق ولبنان واليمن والبحرين. ويصير احتمال الخسارة أكبر إذا ما فك الارتباط النفطي بين المملكة والولايات المتحدة التي بلغت مرحلة الاكتفاء الذاتي في انتاج الطاقة والتي تستعد لأن تصير المصدر الاول لهذه المادة على الصعيد العالمي.
والسعودية لوحت بالابتعاد عن حليفتها الكبرى والبحث عن بدائل. لكنها في الواقع تتعامل مع هذا البديل منذ وقت طويل. فالمطلع على الخريطة الاستثمارية العالمية والتغيرات الاقتصادية الدولية، لا بد ان يلاحظ مساراً تصاعدياً في العلاقات السعودية – الصينية على كل المستويات النفطية والتجارية والاقتصادية، لا بل حتى السياسية على رغم التباعد الحالي بين الطرفين في المسألة السورية، مع ان بيجينغ لا تنفك تكرر أنها ليست مع النظام بل هي مع مبدأ عدم التدخل في شؤون الاخرين ولعل هذا التفصيل يريح دوائر القرار في الرياض.
الصين هي اليوم ثاني أكبر مستورد للنفط، بينما المملكة هي أكبر مصدر للنفط، وتالياً ترى بيجينيغ في المملكة مورداً موثوقاً به للنفط، في حين تنظر السعودية الى مصنع العالم على انه سوق يملك امكانات هائلة وشريك تجاري استراتيجي. لا بل ان الصين المستاءة من محاولة واشنطن تهميشها وعزلها في شرق آسيا وجنوبها لا يضيرها دخول الشرق الاوسط من نافذة كبرى مثل السعودية.
هل دخلنا زمن الانقلابات الكبرى، زمناً نرى فيه ايران حليفة لأميركا في مواجهة حلف الصين – السعودية؟

[email protected]

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *