كتب عبدالباري عطوان:

لم يخطر في بالي مطلقا، ان ارى الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اذل مصر والمصريين لاكثر من ثلاثين عاما يغادر السجن بريئا من كل التهم الموجهة اليه، وان يذهب دم اكثر من الف شهيد سقطوا احتجاجا على ظلمه وفساد حكمه هدرا.
ولكنها الحقيقة للأسف الشديد، وقد رأينا بأعيننا طائرة عمودية تنقله من سجن طرة الى المستشفى العسكري حيث جرى اعداد جناح ملكي خاص به مجهز بكل وسائل الراحة.
انها الهزيمة الاكبر للثورة الشعبية المصرية بل لا نبالغ اذا قلنا انها نقطة نهاية مأساوية لها، ارادها حكم العسكر الذي اعاد بانقلابه مصر الى الوراء اربعة عقود على الاقل ان لم يكن اكثر.
هذا هو التفويض الذي اراده الفريق اول عبد الفتاح السيسي من قطاع عريض من الشعب المصري، تفويض باجهاض الثورة المصرية ورد الاعتبار لرئيس لفظه الشعب كله ونظامه، لانه سحق كرامته، ونهب ومجموعة اللصوص حوله كل ثرواته، وقزم دور مصر، وحولها الى دولة تابعة تتعيش على الصدقات، وفتات المعونات الاجنبية، وهي الدولة الاقليمية العظمى التي كانت تقدم المساعدات للآخرين، وتضرب مثلا في عزة النفس والكبرياء الوطني.
اعترف بانني خالفت الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في تشكيكه بالقضاء المصري ونزاهته ومصداقيته واستقلاله، ولم اتفق مع بعض انصاره الذين نظموا احتجاجات واعتصامات امام مقر المحكمة الدستورية، لان بعض القضاة وقفوا ضد بعض تجاوزات الرئيس مبارك وحكمه وتصدوا لمحاولة تطويعهم، ولكن الآن، وبعد ان شهدت الرئيس مبارك يغادر السجن، وانصاره يوزعون الحلوى ويرقصون طربا في الشوارع وابتهاجا، ايقنت انه كان على حق في موقفه تجاه هذا القضاء ورجالاته، وزدت يقينا عندما قبل السيد عدلي منصور رئيس هذه المحكمة الدستورية ان يكون شاهد زور على الانقلاب العسكري ويقبل ان يكون واجهة له كرئيس مؤقت للجمهورية ولا يقدم استقالته فهو القاضي الذي يمثل الانتصار للعدالة احتجاجا على مقتل واصابة الالاف مثلما فعل نائبه الدكتور محمد البرادعي الذي لم يتحمل وزر هذه المجازر وفضل ليس فقط الاستقالة وانما الانسحاب من المشهد المصري كليا والعودة الى فيينا.

***
انه حكم العسكر الذي قلب المعادلات كلها في مصر وخدع شعبها، وانتزع التفويض الذي اراده، لتوفير الغطاء الشعبي والديني والسياسي لانقلابه، واستخدام هذا التفويض المزور والمغشوش لاجهاض الثورة المصرية، وتبييض صفحة رئيس فاسد ورجالاته.
لن افاجأ شخصيا، وبعد هذا الافراج، واذا ما قرأت غدا، ان النيابة العامة امرت باطلاق سراح نجليه علاء وجمال، واعادة محاكمة الجبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق، فمثل هذه المقدمات لا يمكن الا ان تؤدي الى هذه النتائج.
فهل يعقل ان يصبح رئيس خلعه الشعب حرا طليقا يخرج من السجن في طائرة ويبسط له السجاد الاحمر، بينما يظل رئيس منتخب اختاره الشعب عبر انتخابات حرة نزيهة خلف القضبان بتهم ملفقة؟ هل هذه هي عدالة العسكر؟
نسأل عن رأي القادة الليبراليين، وزعماء جبهة الانقاذ، حماة الديمقراطية، ودعاة الدولة المدنية عن رأيهم في هذه الخطوة، وهم الذين ايدوا الانقلاب العسكري، ووفروا الشرعية “الثورية” له عن موقفهم في الانقلاب وفي هذا الافراج في الوقت نفسه.
نسألهم عن رأيهم في عودة حالة الطوارئ التي ظلوا على مدى عشرات السنوات يطالبون بالغائها، لما يرتكب تحت ظلها من جرائم قمعية، قبل ان نسألهم عن رأيهم في قتل اكثر من الف معتصم مسالم في ميداني رابعة العدوية والنهضة وامام مقر قيادة الحرس الجمهوري.
نشعر بالغصة الشديدة، ونحن نرى ردة الفعل الباردة من قبل هؤلاء تجاه تبرئة رئيس حول مصر الى عزبه خاصة به واولاده ومجموعة من رجال الاعمال الفاسدين، واقام دولة لهم داخل الدولة، وجعل اكثر من اربعين مليونا من المصريين الطيبين يعيشون تحت خط الفقر اي يقل دخلهم عن دولارين في اليوم.
انه يوم اسود في تاريخ مصر وشعبها وثورتها التي اعادت الامل للفقراء والمعدومين، وبشرت بفجر جديد من الكرامة والعزة لكل ابناء المنطقة العربية بل والعالم الاسلامي، فمصر هي الزعامة والقاطرة الوحيدة المؤهلة لقيادة الامة العربية، الى مشروع النهضة الذي يتطلع اليه ابناؤها.
***
فليمد الرئيس مبارك لسانه من طائرته العمودية الى الشعب المصري شماته واستفزازا، وليحتفل نجلاه وامهما وكل افراد عصابة الفساد والقمع بهذا الانتصار الكبير الذي ما كان ليتحقق في ظل حكم ديمقراطي نزيه.
ولتفرح الدول الخليجية، التي اعترضت منذ اللحظة الاولى على الثورة المصرية وحاربتها، وحرضت امريكا على اجهاضها وعدم اطاحة مبارك ونظامه وسجنه بالتالي باعتباره شيخ القبيلة، ولان شيخ القبيلة لا يهان، فقد اعطت ضغوطها وتدخلاتها واموالها ثمارها التي نراها اليوم، وكان الفريق ضاحي الخلفان ابعد نظرا منا عندما توقع هذه النهاية بثقة واقتدار.
ربيعنا العربي جاء ربيعا مغشوشا نحجت القوى الغربية وحلفاؤها العرب في تفريغه من كل طموحاته في التغيير الديمقراطي الحقيقي، وبما يخدم مصلحة اسرائيل وامنها واستقرارها وتجذير احتلالها لارضنا ومقدساتنا، وترسيخ الهيمنة الامريكية على مقدراتنا وثرواتنا.
انها وصمة عار في تاريخنا جميعا، انه يوم حزين مؤلم ليس فقط بالنسبة الينا الذين فرحنا بالثورات، وانما ايضا لكل الششهداء الذين ضحوا بحياتهم لفرض التغيير المأمول بدمائهم الزكية الطاهرة.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫7 تعليقات

  1. مبارك رغم أخطائه وطني لم يبيع شبر من ارض مصر ثانيا محمد مرسي جاسوس خاءين وبدليل أمريكا بتعمل المستحيل لإخراجه من السجن في سنه واحده مرسي فرق المصريين ربنا ينتقم منه الجاسوس

  2. طول ايام المحاكمه نايم ملقى على سرير مش صاحي اخر يوم قبل اطلاق الحكم الزائف كان صاحي ومشط شعره عارف انه هيطلع

  3. قضوا على رأس الحيه وتركوا جسمها يعيد بناء نفسه من جديد فأصبحت اقوى من قبل ٠٠دائما هناك من يدفع الثمن غاليا لأناس رخيصه ٠٠ رحم الله شهداء الثوررتين واسكنهم فسيح جناته

  4. فليمد الرئيس مبارك لسانه من طائرته العمودية الى الشعب المصري شماته واستفزازا، وليحتفل نجلاه وامهما وكل افراد عصابة الفساد والقمع بهذا الانتصار الكبير الذي ما كان ليتحقق في ظل حكم ديمقراطي نزيه

  5. يا سيد عبد الباري لاتحزن عليهم فهم لا يستحقون …الحقد عمى على قلوبهم والخوف من كل ما هو إسلامي كما رباهم مبارك 30 سنة تضليل وإفتراءات على الإخوان والتعود على الفساد طمس أعينهم
    ولغى عقولهم وما يحصل وسيحصل لهم بعد ذلك فهو من حصاد إيديهم
    ويا ليتهم عادوا لنظام مبارك لأن نظام مبارك أكثر حنية ورأفة بهم من نظام الخاين السيسي الذي ابتدأ عهده بقتل الألاف من المصريين والتنكيل بهم ..لكن نحزن على الشهداء الذين سقطوا في هذه الثورة رحمهم الله وأدخلهم فسيح جناته الذين ضحوا لأجل أن تتحرر بلادهم وتعود لها كرامتها وحريتها وهم لايعلمون أن دمائهم ضاعت هدر على شعب لايستحق …ونحزن على من ثبت على الحق في مصر الأن ويتحمل القتل والاعتقال جزاء لدفاعه عن الحق وثباته عليه وندعوا الله أن ينصرهم ويثبتهم ويهزم أعدائهم ..من سخريات القدر أنه يخرج عليك هؤلاء الأغبياء الجهلاء بإتهامات لمرسي تجعلك تضحك على جهلهم وغبائهم كإدعائهم انه مرسي كان يريد بيع سيناء لحماس وأنه يريد بيع قناة السويس لقطر وانه يريد تأجير الأهرامات لقطر …يا شعب قد ضحكت من جهله الأمم هل يوجد إنسان عاقل على وجه الأرض يصدق هذا التخريف إلا أنتم ؟ ولو صحيح افتراضكم أظهروا الأدلة على كلامكم الغبي وإفتراءاتكم المضحكة لو استطعتم …والعينة اللي فوق التي تقول مبارك وطني ومرسي خاين واحدة منهم …..يا ماجي الذكية مبارك هو الجاسوس وهو كنز إسرائيل وعميل أمريكا ولولا ذلك لكان أعدم
    وجائكم من هو أكثر خيانه وخسة منه وهو السيسي مبروك عليكم إشربوا …وسلامنا للقضاء الشامخ هههههه

  6. انا استغرب الهذه الدرجة بعض دول الخليج تكره الاسلام في مصر وتكره ان تكون مصر التي كانت تساعد جميع الدول وتدفع عن تحريرها وترسل لها البعثات لنشر الدين والعلم تكره ان تحكم بنفسها وتعيدد العزة والكرامة للشعب بعد ان عانت لسنين طويلة من ظلم العسكر وظلم الحاكم الذين كان يزور انتخابه ب99 بالمءة من الاصوات حوالي 5 مرات ونهب ثراوتها رحم الله الملك فيصل الذي كان اشجع من كل الملوك ولكنه قتل بيد عميل امريكي لانه البطل الوحيد الذي كان صادقا في ايمانه بالاسلام والعروبة وان امريكا هي عدوة العرب والاسلام رحمه الله رحمة واسعة 0

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *