خرج السوريون على نظام الأسد الذى أذل العباد وأفقر البلاد ،ولم يكن فى حسبانهم أن النظام سيجبرهم على حمل السلاح لولا أن النظام أمر زبانيته بضرورة سحق الإحتجاجات والتظاهرات السلمية ،بل إنه إستباح الأرض السورية وجلب مقاتلى حزب الله والحرس الثورى الإيرانى لمناصرته ضد شعبه ، قبل أن يصفها لاحقاً بالحرب المقدسة ضد الإرهاب !، وبينما كانت المعارضة السورية تخوض معركتها لتطهير سوريا من النظام وأعوانه .. فإذا بها تحتاج فى نفس الوقت أيضا إلى معركة أخرى لتطهير الثورة نفسها.

وعملية التطهير هذه قد بدأت بالفعل ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ، أو ما يُعرف إختصاراً بــ (داعش) ، وهى جماعة متشددة ..فى بدايتها لم يكن من المعروف بدقة متى تشكلت بالضبط أو من يقف وراءها أوما هى أهدافها؟! ،لكن سرعان ما تطورت وتنامى وجودها على الأرض ،وصارت جزءاً أساسياً من نشرات الأخبار وعناوين الصحف ،هدفها المعلن من جانبها أنها تعمل من أجل إسقاط نظام الأسد ، لكن على العكس تماماً نجدها تستهدف بشكل متوالى مجموعات تابعة للجيش الحر والنشطاء السياسيين ، بل وحتى المدنيين الأبرياء!

نهج (داعش) يتشابه مع نهج نظام الأسد من ناحية الإعتقالات والقتل ونشر الرعب وقمع الحريات وتغييب دور نشطاء المجتمع المدنى عن كل المناطق التى تسيطر عليها ، وعندما خرجت مظاهرات فى “الرقة” التى تتخذ منها (داعش) مركزاً لها ، قوبلت المظاهرات بالقتل والإعتقالات ، حتى عندما ذهب الأب باولو داليلو إلى الرقة حاملاً معه رسالة سلام .. تم خطفه ، ورجحت كل المصادر أن الخطف قد تم على يد عناصر جبهة النصرة التى إندمجت تحت راية داعش !

“أفعالهم مسيئة ومعيقة للثورة” بهذه الكلمات جاء وصف (داعش) وما يرتكبه أفرادها من أفعال وجرائم بحسب البيان الذى أصدرته جبهة ثوار سوريا منذ أيام ، قبل أن يبدا البيان فى تفنيد بعض جرائمها ،ولعل أبرزها: مداهمة مقرات تابعة للثوار وإعتقال بعضهم ،والاستيلاء على الأسلحة والذخائر التى لديهم ، بل وتطور الأمر إلى قتل بعضهم ، هذا بخلاف مهاجمة المدنيين والإعلاميين والنشطاء فى الأماكن المحررة وتعذيبهم وترويعهم ،وربما ليس آخر جرائم (داعش) هو إعتقال الدكتور حسين سليمان وتعذيبه حتى الموت ، وهو الشهيد الذى خلدته الثورة بإطلاق اسمه على أول جمعة فى العام 2014 ، ولعل هذا أيضا ما دفع الائتلاف الوطني لإتهام (داعش) بأنها على علاقة عضوية مع النظام السوري، وبأنها تعمل على تنفيذ مآربه.

لم يعد الأمر إذن يحتاج إلى مزيد من التحليل أو التخمين ، فداعش لا تختلف كثيراً عن حزب الله اللبنانى ، بإستثناء أن الأخير قد أعلن مساندته العلنية لنظام الأسد ، بينما ظلت (داعش) مبهمة الميول والولاء ، تشبه الطفيليات فى عملها ، إذ بدلاً من قتال الأسد ونظامه .. نجدها تقاتل الجيش الحر ،وبدلاً من العمل وفقاً لشرع الله كما يدعى عناصرها .. نجدها تكفر المجتمع وتقتل الأبرياء، هذه الأفعال والجرائم المتراكمة هى التى أدت إلى خروج تظاهرات عديدة في عدد من أحياء حلب و إدلب تهاجم (داعش) وتطالب بخروجها من هذه المناطق، وقد إستوقنى أحد الهتافات وهو “الجيش الحر للأبد .. دايس داعش والأسد” ، فبغض النظر عن القافية التى إستلزمت أن يكون الأسد تالياً لكلمة داعش ، فإننى أرى أن الهتاف يحمل فى طيته ترتيباً مهماً لا يجب إغفاله ، حيث سبقت (داعش) النظام ، وهو ما يعنى ضرورة التخلص من داعش ومن على شاكلتها أولاً قبل التخلص من نظام الأسد ، لأن هذه المجموعات المتشددة والمبهمة الأهداف أخطر على الثورة من أعدائها الظاهرين ، والحذر فى الأيام القادمة يجب أن يكون موجه لمن يدعون معارضتهم الزائفة لنظام الأسد .. بينما هم فى الأساس جزءاً منه، يقول مارتن لوثر كنج : اللهم إحفظني من أصدقائي،أما أعدائي فأنا كفيل بهم.

بقلم / أحمد مصطفى الغـر

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. جيش حُر و حزب الله و داعش و جبهة النصرة و الجيش السورى النظامى و إيران و روسيا و تُركيا !
    .
    لك الله يا شعب سوريا !

  2. كنا نعول على ( داعش ) بانهم المناصرون الصادقون للثورة والمجاهدون المخلصون في قتال طاغية الشام , وكنا نظن بهم خيرا , وندعم وجودهم بقوة وندعوا لهم .
    وبررنا كثيرا من اعمالهم وكنا نلتمس لهم العذر , ونتهم الناس بانهم معادون لشرع الله .
    والذي حعلنا ناخذ هذا المنحى اولا التحام جبهة النصرة معهم وهي غير مشكوك فيها بمحاربة النظام , ومدح بعض اعيان الثورة لهم , وقول بعض القادة ان من يقاتل النظام فهو اخونا قاصدين اياهم , وحتى عندما استولوا على مستودعات الجيش الحر للاسلحة كنا نظن ان المبرر هو حاجتهم للاسلحة التي يمنعها عنهم الجيش الحر في مقاتلتهم للنظام , وخصوصا بعد الاشاعات التي تفيد ان رئيس اركان الجيش الحر اللواء سليم ادريس – والذي شخصيا لا استنظفه – اطلق تصريحات مفادها ان الجيش الحر سيتعاون مع النظام لمحاربة المتطرفين ( داعش والنصرة ) وهذا ما ساءنا .
    النقطة الفيصل هي الجريمة البشعة التي اقترفتها ايادي داعش بحق المعتقلين لديها وعلى وجه الخصوص الشهيد الدكتور ابو ريان , هذه هي نقطة الفرقان لان من يرفع راية الجهاد لا يمكن باي وجه من الوجوه ولا تحت اي عذر او ظرف اقتراف مثل هذه الجريمة النكراء , ولا يفعل هذا الفعل الا موغل في الاجرام ومسترخص للقيم الدينية والانسانية وحامل لرسالة كاذبة .
    تابى حكمة الله الا ان تفضح من يتاجر باسمها واسم الدين , وتميط اللثام عن النوايا الغادرة والمزاعم الباطلة , وان البيانات الاخيرة لداعش تبين وبشكل واضح تعطشهم للدماء وتدل على خواء عقولهم وتدني فكرهم ومستوى علمهم وثقافتهم .
    الكذب في مجتمع مازلنا نعطيه غطاء من القداسة ونحن في القرن الحادي والعشرين ! ….وهؤلاء الكذابون ، وصفهم الله في القرآن بالظلمة ، فقال : “فمن أظلم ممّن كذب على الله وكذّب بالصدق إذا جاءه” (الزمر/32)… وبيّن مصيرهم يوم القيامة، بقوله : “ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين” (الزمر/60 )..
    اليوم يجب القصاص من داعش – وعددهم سبعة الاف – بسبب جريمتهم النكراء وبسبب كذبهم على المسلمين , القصاص عامة من كل داعش فكلهم شركاء في هذه الجريمة _ الا من اعلن براءته وانشقاقه عن داعش _ ولو كان عددهم سبعين الفا , والحكم فيهم كحكم الرسول في بني قريظة , ما اشبه اليوم بالامس !!

  3. هااااها مقالك ملئ بالمغالطات ويبدو أنك تكتب في اللحظة الأخيرة عن سوريا بعد ان أنفضح كل شيء او بصفة أخرى كما تقولون في مصر زى الأطرش في الزفة …………………….الجزائر

  4. و في الاخير ما وراء كل هذا او لنقل ما المغزى من كل ما يحدث اهو تدمير دين من الاديان السماوية ام تدمير بلد ام تدمير شعب او التسلية و المرح او لبيع الاسلحة او لجعل القنوات الاخبارية تعمل و تتحصل على اخبار جديدة او الحرب على الزعامة ام لكتابة التاريخ ام لاجل حاجة في نفس يعقوب قظاها لكن السؤال الى متى و اين هذا الاخير الم نصل اليه بعد هذا ان وجد هذا الاخير

  5. أحسنت أستاذ احمد …كلامك صحيح كتير منا انغش بالبداية بهالمجرمين لكن بعد ما شفنا قتالهم لفصائل المعارضة ودبحهم للأبرياء حتى يشوهوا صورة الثوار وعرفنا منيين جاء عناصرهم اكتشفنا أنهم عملاء للهالكي وبشارعليهم من الله ما يستحقون …لكن فيه كتير مجاهدين إسلاميين دخلوا لمحاربة بشار ونصرة شعبنا ربنا ينصرهم عليهم وعلى حزب الشيطان القاتل ومرتزقة العراق اللي بعتهم الهالكي
    المصيبة اللي عم يدفع ثمن هالمعارك من الجهتين هو شعبنا المسكين اللي تشرد وقتل وجاع وبرد والعالم لاهي عنه …ربنا ينهي هالثورة وينصر شعبنا على هالقاتل بشار وعملائه عن قريب

  6. فإذا بها تحتاج فى نفس الوقت أيضا إلى معركة أخرى لتطهير الثورة نفسها.
    ====================================
    أخ أحمد
    مرحلة تنظيف الثورة هي مرحلة مرت بها كل ثورات العالم .
    ندعو لله في النهاية أن تنتهي الحرب الى ما يشتهيه السوريون أنفسهم هم الأدرى بمصلحتهم .
    شكراً على إهتمامك بالشأن السوري

  7. قرأت اليوم في صحيفة روز اليوسف الألكترونية المصرية ما يلي :
    وليس تهديد «داعش» أو تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، بالمجىء إلى مصر لنصرة الإخوان، إلا مؤشرا واقعيا للتصعيد الأمريكى ضد مصر لمواجهة السيناريو المصرى بانتخاب السيسى رئيسا، خاصة أن هذا التنظيم القاعدى يتسع فى عملياته الإرهابية بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، والغريب أنه انشق على مجموعات قاعدية أخرى مثل جبهة النصرة بعد التناحر على النفوذ، رغم أن قيادات التنظيمين من تلاميذ الرمز القاعدى الشهير مصعب الزرقاوى، فيما يرون البعض المشهد من زاوية أخرى، حيث يعتبرونه تجهيزا أمريكيا لحل سياسى فى سوريا، فمن الضرورى التخلص من أعداد من القاعديين فى سوريا بتصديرهم إلى مصر عبر ليبيا والسودان فى عملية لن تتأخر قطر عن تمويلها!
    عنوان المقال :
    المد الجديد للقاعدة البديل الأمريكى لأنظمة الشرق الأوسط

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *