كتب راجح الخوري في النهار اللبنانية:
هبط حسن روحاني في نيويورك بوجهين، وجه مبتسم وراء يد ممدودة ووجه مقطب وراء قبضة ملوّحة، هذا يعني ان ايران أعدّت لكل احتمال عدته، لأن تبادل الرسائل الايجابية مع واشنطن لا يعني بالضرورة ان ثلاثة عقود من العداء قد انتهت!
في المقابل، استقبلت واشنطن روحاني بكلمات في حدود لياقة لم تصل الى درجة مد يد “الشيطان الاكبر” لمصافحته”، لأن الافعال تتحدث اكثر من الكلمات و”الخطوات التي ستتخذها ايران لإظهار جديتها ستحدد مدى نجاح عملية الانفتاح”.
وهكذا يبدو ان اميركا تعمدت وضع شعار “الليونة البطولية” الذي اطلقه المرشد علي خامنئي على مرحلة روحاني وما توحيه من تغيير ورغبة في الانفتاح، قيد إختبار جدي لا يتوقف، عند حدود الاجتماع بين مجموعة الـ5+1 التي عقدت للمرة الاولى على مستوى وزاري وفي الامم المتحدة، بل يصل الى السلوكيات المطلوبة، اولاً حيال شفافية نووية تتوقف عند حدود الاستعمال السلمي الذي يجب ان يخضع لمراقبة دولية فاعلة، وهذا ما اقرّ به باراك اوباما في خطابه امام الجمعية العامة، وثانياً حيال ضبط الاندفاعات الايرانية المتهورة في الاقليم، بما يساعد تالياً على رسم خريطة طريق للتعاون بعد دهر من العداء!
في لقائه مع شبكة “أن بي سي” اشاد روحاني باللهجة البناءة والايجابية التي سيطرت على الرسائل المتبادلة مع اوباما، معتبراً انها خطوات صغيرة يمكن ان تؤدي الى أمر مهم، وخصوصاً “اننا لا نسعى الى حيازة اسلحة دمار شامل” وهذا ما اكد عليه خامنئي، لكن الجليد السميك يحتاج الى اكثر من الكلمات الدافئة، فقد كان لافتاً جداً ان تصل افتتاحية صحيفة “كيهان” [القريبة من خامنئي] الى البيت الابيض قبل ان يصل روحاني الى نيويورك، وفيها تحذير عنيف من “مصافحة يد المجرم الحقيقي باراك اوباما، وهي اليد التي وقعت على قرارات العقوبات ضد طهران وعلى الهجوم التخريبي ضد المنشآت النووية الايرانية”!
لكن يد “الشيطان الاكبر والمجرم الحقيقي” لم توفر الفرصة السعيدة جداً لروحاني كي يصافحها، ولهذا ردت طهران بالامتناع عن قبول مشاورات غير رسمية بين وزيري خارجية البلدين اللذين التقيا على هامش اجتماع مجموعة الـ5 + 1.
تلويح روحاني بالانفتاح والتغيير فاتورة مبكّرة قبض ثمنها اعترافاً صريحاً من اوباما بحق الشعب الايراني في الحصول على طاقة نووية سلمية وإقراراً بعدم العمل لتغيير النظام في طهران، لكن هذا لا يفتح الطريق امام طموحات الهيمنة الايرانية في منطقة لطالما اعتبرتها اميركا حيوية لأمنها القومي، ولعل الفاتورة المقابلة التي يتوجب على طهران دفعها فوراً، هي ابتلاع مرارة التغيير في سوريا الذي سينهي حكم بشار الاسد!

[email protected]

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *