مقال كتبه خصيصا لـCNN وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، الذي شغل قبل توليه منصبه الحالي رئاسة اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان. الآراء بهذا المقل تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعكس بالضرورة رأي CNN.
الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ شهر على قطاع غزة تسبب في خسائر فادحة حيث قُتل ألفا فلسطيني وجرح أكثر من عشرة آلاف منهم، وكان معظم أولئك الضحايا من المدنيين وكثير منهم من الأطفال، وهو ما يمثل أحدث فصل دموي في تاريخ مأساوي.
خلال عقود طويلة من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لم يهتم المجتمع الدولي بشكل كامل لمعالجة التطلعات المشروعة للفلسطينيين فلا مكان أفضل من غزة لتوضيح هذه الصورة، فالقطاع يعاني نقصاً مزمناً في الغذاء والماء والكهرباء، وهو مقطوعة عن العالم الخارجي بحدود مغلقة وحصار، وأن الفلسطينيين في غزة يعانون من اليأس”.
كفرد حارب بلا كلل من أجل حقوق الإنسان، لا يمكنني تجاهل محنتهم، وكمواطن عربي لا يمكنني تجاهل هذا الحرمان المتعمد للفلسطينيين من حقوقهم.
شعب غزة بحاجة لثلاثة أشياء، أولاً: إنه يحتاج إلى اتفاق سلام ينهي الأعمال العدائية ويرفع الحصار الإسرائيلي القائم منذ عام 2007، والذي حول غزة ، كما وصفها بعض الصحفيين، إلى “سجن في الهواء الطلق” ، ثانياً: الفلسطينيون في غزة بحاجة للمساعدات الإنسانية وللتمويل من أجل التنمية  حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم المدمرة ومبانيهم التي طالها القصف ومجتمعاتهم الممزقة، وأخيرا: الفلسطينيون في كل مكان يحتاجون لاتفاقية شاملة يكون من شأنها إنهاء الاحتلال وإقامة دولتين لشعبين، ما يسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنباً الى جنب في سلام وأمن.
إلى أن يصبح حل الدولتين واقعاً فإن القتال وسفك الدماء سوف يستمران بالتأكيد، وكما أكدت قطر على الدوام، فإن السلام يجب أن يتحقق من خلال المفاوضات، وأن تكون جميع أطراف الأزمة ممثلة فيها.
دولة قطر قدمت بالفعل مساعدات إنسانية لشعب غزة، وتعهدت بالمساعدة في جهود إعادة البناء عندما تتوقف الأعمال العدائية، كما أن قطر تعمل أيضاً من خلف الكواليس لتسهيل هذا النوع من الحوار الذي يمكن أن يفضي إلى سلام دائم. قطر في نهاية المطاف تريد مساعدة الفلسطينيين على تحقيق حق تقرير المصير من خلال إقامة دولة فلسطينية آمنة.
دولة قطر لا تطالب بأن تكون لاعباً رئيساً على الساحة الدولية، لكنها ومنذ بداية منتصف التسعينات تبنت حكومتها سياسة الباب المفتوح التي تركز على بناء علاقات، والتوسط في حل النزاعات، وهو ما استفادت منه قطر وكذلك المجتمع الدولي. سياسة الباب المفتوح هذه سمحت لدولة قطر بأن تعمل كوسيط في المحادثات، وفي التعاون والنهوض بالسلام.
بسبب سياسة الأبواب المفتوحة على مصراعيها، أصبحت عاصمتنا، الدوحة، وبشكل متزايد، مركزاً حيوياً جديداً تتنوع فيه الثقافات، مع إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة باعتبار أن ذلك يعد واحداً من الأهداف الرئيسة لرؤية قطر الوطنية 2030.
دولة قطر، وبسبب موضوعيتها وعدم تحيزها، باتت غالبا مقصد الأطراف المختلفة للتوسط بينها وإيجاد منابر للحوار، وكمثال لذلك استطاعت قطر في عام 2008 التوصل لاتفاق سلام بعد المعارك في جنوب لبنان، كما لعبت قطر في وقت لاحق دوراً مماثلاً في دارفور، واستضافت على مر السنين مقر البعثة التجارية الإسرائيلية، وأبقت قطر أبوابها مفتوحة لمؤسسات الفكر والدراسات الغربية مثل معهد بروكينغز.
مؤخراً وبسبب سياسة الباب المفتوح تمكنت دولة قطر من المساعدة في التفاوض على تبادل جندي أمريكي مع خمسة من سجناء حركة طالبان الأفغانية، كما أن قطر تساعد اليوم في تسهيل الاتصالات بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة والجيران العرب وإسرائيل وحركة حماس، حيث تبذل كافة الأطراف جهودها من أجل إيجاد حل سلمي للعنف في غزة.
في كل لحظة تشعر قطر أنها على الجانب الصحيح من التاريخ  لإيمانها بالعدالة وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، وأن كل تلك المميزات والصفات هي على المحك في غزة اليوم، ومرة أخرى فإن التاريخ سيحكم على أعمالنا.
قطر تقف مستعدة للمساعدة في تسوية الخلافات، وتعزيز احتمالات السلام، وتقف على أهبة الاستعداد للقيام بدورها في تعزيز الحوار والتوصل إلى حلول للمشاكل التي تبدو مستعصية والتي تواجه شعوب الشرق الأوسط، ومن بعض هذه المشاكل أزمة غزة المستمرة منذ سنين بل منذ عقود  لكن كل ذلك لا يعني أنها لا يمكن أن تُحل، إن نزيف الدم والمعاناة والموت يجب أن يتوقف.
في قطر، سنبقي الباب مفتوحا أمام السلام.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. كلام جميل وعليه
    لو تحولت المفاوضات بين حماس وإسرائيل لقطر لتوصلوا الى حلول
    ولكن مبادرة ومفاوضات مصر !!!!!؟؟؟؟؟؟

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *