نظرت الى المرآة ولم أعرف نفسى , فقد كبرت كثيراً .

رغم أننى لم أبلغ ألـ 33 عام , فتلك التجاعيد وهذا الكهل لا يعرفنى , أنا ما زلت طفلا تدهشة أفلام الكارتون والحواديت , ربما لآننى تجاهلت فى الفترة الماضية حواديت ألاطفال وتابعت حواديت الكبار , التى يقودها موسى ولاميس وغيرهم فى سوق ألاعلام , هم أحياناً يقودون قصص بلا قيمة , ولكنها للأسف هى البضاعة السائدة فى بلادنا ,.
أو ربما أصبح وجهى كهل أشعث بسبب الفساد فقد صار البضاعة الوحيدة التى لا تخيب أمل تجارها وزبائنها .

لذلك أعذرونى أذا تجنبت الكلام المباشر بمعلومة جافة , او لجأت الى الحيل فى تناول المواضيع , كحواديت جدتى رحمها الله التى كانت وسيلة تسليتى وتبقى حواديتها فى ذاكرتى , كانت حواديت جدتى نهايتها حلوة أو ملتوتة , أما حواديت اليوم معظمها سيئة , لانها دخلت ضمن نطاق الفساد ..

ألحدوتة ألاولى ..

ذهب رجل الى جحا وقال له : أعيش مع زوجتى وامى وحماتى وستة أطفال فى حجرة واحدة فماذا افعل لتتحسن حياتى . قال له جحا : اشترى حماراً واجعله يعيش معكم فى نفس الغرفة وتعال بعد يومين . فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : الحال يسوء يا جحا . فقال له جحا : اشترى خروفاً واجعله معكم فى الغرفة وتعال بعد يومين . فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : الحال يزداد سوءا يا جحا . فقال جحا : اشترى دجاجاً واجعله معكم فى الغرفة وتعال بعد يومين. فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : لقد أوشكت على الانتحار. فقال له جحا : اذهب للسوق وببِع حمارك وتعال بعد يومين .فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : الحال تحسن قليلا . فقال له جحا : اذهب للسوق وبِع الخروف وتعال بعد يومين . فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : الحال أفضل كثيرا . فقال له جحا : اذهب للسوق وبِع الدجاج وتعال بعد يومين ,فجاءه الرجل بعد يومين وقال له : لقد أصبحت فى أفضل حال ,وهكذا تدار كل الأزمات فى الوطن العربى .. يتم اختلاق مشكله جديده ثم يتم التفاوض عليها ..

ألحدوتة الثانية ..

أثناء عشرينيات القرن الماضى كان هناك شاب ألمانى أسمة بول ، تفوق فى دراسة الفلسفة والأدب والتاريخ ، كتب روايات ودراسات عن الشعر والمسرح ، ونال درجة الدكتوراة لدراستة المسرح الرومانتيكى ، ومع بداية عمله فى السياسة استغل تفوقه الثقافى فى الدعاية لحزبه ، وصار أشهر وزير إعلامى فى التاريخ الإنسانى . بول كان مثقف خجول عليل ، هو لم يكن سوى جوزيف جوبلز الذى لم يبق منه إلا مقتطفات تمجد الكذب والتضليل ومكافحة الثقافة ، الرجل الذى حاول أن يبنى واقعا مزيفا من أنصاف الحقائق ، وأجاد فى استخدام الحرب النفسية ، واعتمد التكرار والإلحاح لغرس القناعات فى الفرد ، بدلا من استخدام الحوار والفهم والتحليل ، هذا الرجل المثقف أكلته نظرياتة ، اختزلته الى مجرد مشجع على الكذب , عدو للثقافة، يردد الجميع العبارة المقيتة التى نسبت إليه : (كلما سمعت كلمة مثقفون تحسست مسدسى)! أنا شخصيا، لا أفهم ما تقصدة قصة جوبلز كما روجها الإعلام الغربى ، وأرى أن التلميذ الذي علمه جوبلز الرماية ، عندما اشتد ساعده رمى جوبلز بنفس السهم : (الكذب بديلاً للواقع)، و(كلما كانت الكذبة أكبر حجماً، كان من الأسرع تصديقها)

ألحدوتة الثالثة ..

فى أواخر القرن الثانى عشر، اشتعلت مناظرة حامية الوطيس فى أميريكا الوليدة حين ذاك , بين من يريدون أمن الدولة ، وأولئك الذين يريدون حماية الحُريات العامة للمواطنين . ولجأ الجميع إلى بنيامين فرانكلين ، الذى فاجأهم بعبارتة الخالدة، وهى أن (أولئك الذين يريدون مقايضة الأمن بالحرية ، لا يستحقون لا الأمن ولا الحرية) وتحدى بقية زملائه من المؤسسين أن يتحدوا من أجل إبداع معادلة جديدة تحقق الأمن والحرية معاً . وهو ما أدى إلى أسابيع إضافية من الحوار إلى أن استطاعوا أن يصنعوا دستوراً من سبع مواد فقط ، ولكنه يكفل هذه المعادلة الصعبة، وهو الدستور الذى استمر من ١٧٧٩ إلى ٢٠١٥، مع ستة تعديلات فقط خلال الثلاثمائة عام التالية . وتقديراً لدور بنيامين فرانكلين وضع صورته على ورقة العشرة دولارات ،..

ألحدوتة الرابعة …

كان يوجد رجل جليس كرسية ويرى بعين واحده , وفي أحد الايام طلب هذا الرجل الرسامين ليرسموا له صورة شخصية بشرط أن لا تظهر عيوبه فى هذه الصورة فرفض كل الفنانيــن رسم هذه الصورة !! فكيف سيرسمون الرجل بعينين وهو لايملك سوى عين واحده ؟ وكيف يصورونه بقدمين سليمتين وهو اعرج ؟؟ ولكن .. وسط هذا الرفض الجماعى قبل أحد الرسامين رسم الصورة , وبالفعل رسم صوره جميلة وفى غايــة الروعة . ولكن كيف ؟ فقد تصور الرجل واقفاً وممسكاً ببندقية الصيد (بالتأكيد كان يغمض إحدى عينيه) ويحنى قدمـــه العرجاء , وهكذا رسم صورة الرجل بلا عيــوب وبكل بساطـة .. ليت أعلامنا يحاول أن يرسم صوره جيدة عن الآخرين مهما كانت عيوبهم واضحة وعندما ننقل هذه الصورة للناس نستر الأخطاء فلا يوجد شخص خال من العيوب , فلنأخذ الجانب الإيجابى داخل أنفسنا وداخل الآخرين ونترك السلبى فقط لراحتنا وراحة الآخرين ..

ألحدوتة ألخامسة ..

كان هناك طفل يود أن يعرف مفهوم الفساد , فذهب الى ابية يسألة ما معنى الفساد , فأجابه : سنك لا يسمح بفهم الفساد ، لكن دعنى أقرب لك الموضوع , انا أصرف على البيت لذلك فلتطلق على ابيك اسم الرأسمالية . وامك تنظم شؤون البيت لذلك سنطلق عليها اسم الحكومة . وانت تحت تصرفها لذلك فسنطلق عليك اسم الشعب . واخوك الصغير هو الامل فسنطلق عليه اسم المستقبل . اما الخادمة التي عندنا فهى تعيش على مالنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة . اذهب يا بنى وفكر لعلك تصل الى نتيجة . وفى الليل لم يستطع الطفل ان ينام من التفكير , فنهض من نومه قلقآ , وسمع صوت أخيه الصغير يبكى فذهب اليه فوجده بلا حفاضة .ذهب ليخبر امه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ ، وتعجب أن والده ليس نائما بجوارها . فذهب باحثآ عن ألخادمة , فنظر من ثقب الباب الى غرفة الخادمة فوجد أبوه معها و ….. فى اليوم التالى ، قال الولد لابيه : لقد عرفت يا أبى معنى الفساد . فقال الوالد : وماذا عرفت ؟! فقال الولد : عندما تلهوا الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة فى سبات عميق فيصبح الشعب قلقا تائها مهملاً تماماً ويصبح المستقبل غارقا فى القذارة .

وألان ما دور موسى ولاميس وأم الخلول فى شن الحروب ؟ أن طال بنا العمر سنعرف ,

وللحديث بقية ..

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *