العربية.نت- أكد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي أن الأولويات الاقتصادية للإمارة ما زالت تتمثل في بناء اقتصاد مستدام طويل الأمد من خلال ضمان إيجاد نهج تنموي اقتصادي واجتماعي متوازن في كافة أنحاء الإمارة يعود بالمنفعة على الإماراتيين خاصة والمجتمع بوجه عام، ويحقق رؤية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ومتابعة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وأضاف آل نهيان: “إن قرار حكومة أبوظبي القاضي بتنفيذ مراجعة للمشروعات الرأسمالية كان بهدف تحسين الموارد على الوجه الأمثل في الوقت الذي تتم فيه بشكل فعال معالجة القضايا الاستراتيجية نتيجة للتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي”.hiza3

وقال: “إن عملية إعادة ترتيب أولويات المشروعات كانت ناجحة، وبالنسبة للاستراتيجية بعيدة المدى كما هي موضحة بالتفصيل في رؤية حكومة أبوظبي للعام 2030 فلم يطرأ عليها أي تغيير، لكن كان من الواضح أنه لا بد من إجراء تغيير للأولويات على المدى القصير لكي نتمكن من استيعاب الوقائع المتغيرة”.

جاء ذلك في مقابلة له ضمن الطبعة الأخيرة من التقرير السنوي عن اقتصاد أبوظبي والذي يحمل عنوان “التقرير… أبوظبي 2013” الذي أصدرته مجموعة أكسفورد للأعمال، المؤسسة العالمية لخدمات النشر والبحوث والاستشارات، نقلا عن صحيفة “الاتحاد” الإماراتية.

وعن كيفية تغيير السياسة الاقتصادية كنتيجة للأزمة المالية العالمية، افاد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان: “منذ العام 2008 ومنظومة الاقتصاد العالمي تواجه ضغوطا حادة. ومما ضاعف من حدة هذه الضغوط الأحداث المضطربة التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط.

وتابع: “وقد تفاقمت الأزمة المصرفية لتصبح أزمة ديون سيادية لدرجة أنها ألحقت أضراراً بالغة بالنظام المالي العالمي. ويواجه صناع القرار السياسي وقادة الحكومات في مختلف أنحاء العالم تحديات جمّة. في ظل هذه الظروف، جاء قرار حكومة أبوظبي القاضي بتنفيذ مراجعة للمشروعات الرأسمالية. وكانت الغاية من وراء ذلك تحسين الموارد على الوجه الأمثل في الوقت الذي نعالج فيه بشكل فعال القضايا الاستراتيجية نتيجة للتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي”.

وأضاف “فيما يتعلق بذلك، فإن عملية إعادة ترتيب أولويات المشروعات كانت ناجحة. وبالنسبة للاستراتيجية بعيدة المدى كما هي موضحة بالتفصيل في رؤية حكومة أبوظبي للعام 2030 فلم يطرأ عليها أي تغيير، لكن كان من الواضح أنه لا بد من إجراء تغيير للأولويات على المدى القصير لكي نتمكن من استيعاب الوقائع المتغيرة. ومن هنا بقيت الأولويات الاقتصادية تتمثل في بناء اقتصاد مستدام طويل الأمد من خلال ضمان إيجاد نهج تنموي اقتصادي واجتماعي متوازن في كافة أنحاء الإمارة يعود بالمنفعة على الإماراتيين خاصة والمجتمع بوجه عام ويحقق رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ومتابعة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بينما يتم التركيز في الوقت ذاته على التنوع الاقتصادي وعلى نمو اقتصادي لا يعتمد على الثروة النفطية فحسب”.

وقال: “ومن أجل تنفيذ هذه الاستراتيجية بأسلوب أكثر فعالية، فنحن الآن في المراحل النهائية من تطوير الخطة الخمسية الثانية للإمارة والتي ستركز على أفق زمني لمدة خمس سنوات، وذلك لضمان التعامل مع الأولويات قصيرة المدى في الوقت الذي نتابع فيه الأجندة السياسية طويلة المدى والمرتبطة بالرؤية الاقتصادية للعام 2030. وكانت الخطة الأولى هي الخطة الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية للأعوام 2008 -2012”.

وتحدث آل نهيان عن البينة التحتية قائلاً: “إن ما يحرك البنية التحتية الشاملة وعملية التصنيع هو استراتيجية التنوع الاقتصادي التي يتم العمل عليها. وتنمو هذه الاستراتيجية حاليا في ثمانية مجالات مختلفة: السياحة الثقافية والطيران والصناعة ووسائل الإعلام والرعاية الصحية والبتروكيماويات والخدمات المالية والطاقة المتجددة؛ وتعكس قائمة المشروعات التي أعلن عنها المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي برئاسة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في شهر يناير 2012 هذه الأولويات. فعلى سبيل المثال، سيشكّل مشروعا متحف اللوفر أبوظبي ومتحف غوغنهايم أبوظبي في جزيرة السعديات حجر الزاوية في استراتيجية تنوع السياحة الثقافية للإمارة”.

وتابع: لقد بدأت الحكومة ببناء القدرات في التكنولوجيا المتقدمة في صناعة الطيران من خلال استثمارات “مبادلة” في مشروع ” STRATA” . وقد سبق وتم الاستثمار بشكل كبير في قطاعات مثل الألمنيوم والفولاذ والنحاس والبتروكيماويات من خلال الشركة القابضة العامة، وهي أضخم تكتل صناعي في دولة الإمارات وتعتبر المحرك الرئيسي لتطبيق سياسة التنوع الصناعي لحكومة أبوظبي.

وافاد أن حكومة أبوظبي تراجع بجديّة الاستثمارات في قطاع الإعلام لكي نضمن أنه يشكل رافداُ مجدياً للناتج المحلي الإجمالي. وقد أعلن في شهر يناير أيضا عن القرار القاضي بإنشاء فرع لمستشفى كليفلاند والذي سيوفر خدمات طبية بمستوى عالمي بينما يشكل في ذات الوقت علامة فارقة لرفع المعايير الشاملة للممارسات الطبية في مختلف أنحاء الإمارة. علاوة على ذلك، فإن تنويع مصادر الطاقة المتجددة قد سبق وأن أتى أكله من خلال العمل الجاري الآن في مدينة مصدر ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا. ويعتبر مشروع محطة الطاقة الشمسية ” شمس”، الذي أعلن عنه في شهر يناير، أول مشروع محلي سيتم تنفيذه لإنتاج الطاقة المتجددة.

وقال: من منظور الاقتصاد الكلي فإن السياسة المالية والسياسة النقدية شأن حكومي، وتستخدم عادة هاتين السياستين لتقليص التقلبات الاقتصادية وتشجيع نمو اقتصادي مستدام، ورغم ذلك فإن القطاع الخاص يعد مسانداً حيوياً يسهم في تنفيذ الخطط الاقتصادية للحكومة، ولذا فهو شريك استراتيجي في تنفيذ بعض المشاريع الحيوية المجدية مثل قطاع الكهرباء والنقل الجوي والبحري وغيرها من القطاعات الحيوية. وقامت الحكومة أيضا تحقيقا لاستراتيجيتها الاقتصادية بوضع المعايير الدقيقة لضمان أن برنامج الاستثمار الحكومي يفيد القطاع الخاص بدلا من أن يزاحمه، وقد أنيط على سبيل المثال لا الحصر بدائرة التنمية الاقتصادية مسؤولية دعم وتقوية القطاع الخاص وخلق بيئة أعمال تشجع على المشاركة. وبالإضافة إلى ذلك فلقد سهلت الإجراءات الخاصة بتسجيل مشاريع الأعمال وتقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسّطة الحجم إضافة إلى خصخصة خدمات حكومية معينة. وقد أنشأت الحكومة مؤخرا مكتبا لمؤسسات الأعمال المملوكة للدولة والذي من بين أولوياته إيجاد هياكل إدارية ملائمة لضمان أن لا تتمتع المؤسسات المملوكة للدولة بأفضلية على مؤسسات القطاع الخاص، وحيثما أمكن يتم إشراك القطاع الخاص في أي من فرص الاستثمار الجديدة بحيث تتوزع المخاطر وتتقاسم المكاسب في مشاريع الأعمال. وعلى سبيل المثال، فإن واحدة من مؤسسات الشركة القابضة العامة وهي شركة أبوظبي للصناعات الأساسية تعمل بالشراكة مع قيادات صناعية من ذوي الخبرة والمعرفة التكنولوجية المتقدمة وتساهم في توفير الموارد مثل رأس المال والأرض ومنشآت المواد الأولية.

وأضاف: كما تعتبر مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم من جهة ثانية الأساس الصلب الذي يقوم عليه الاقتصاد المستدام. وبحكم طبيعتها الخاصة، ولأسباب عدة ومن أجل دعم هذا القطاع، فقد تم تأسيس صندوق خليفة لتطوير مشاريع الأعمال، سعيا إلى توفير نظام متكامل من الخدمات المساندة لرواد الأعمال بما في ذلك التدريب والتطوير والحصول على البيانات والخدمات الاستشارية إضافة إلى عدد من المبادرات التي تركز على مهارات التسويق.

وأوضح أنه بعد تطور الاقتصاد الكلي وتنوع قطاعاته وبناء الهياكل المحورية تقوم الحكومة بخصخصة بعض الخدمات وذلك بهدف التركيز على القطاعات الاستراتيجية الهامة أو لإشراك أصحاب الخبرة العملية في بعض القطاعات. وقد أسندت على سبيل المثال عملية التزود بالماء والكهرباء إلى هيئة مياه وكهرباء أبوظبي. كما تمت خصخصة بعض الخدمات البلدية مثل تنظيف الشوارع وجمع النفايات. وأصبحت خدمات الطعام والصيانة في قطاع الطيران المدني من مهام القطاع الخاص، بالإضافة إلى الكثير من إنشاءات البنية التحتية.

وأشار إلى أنه في قطاعي الصحة والتعليم ظهرت الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بهدف تشغيل هذه الخدمات وإدارتها وتحسينها، إذ إن الهدف هو المضي نحو اقتصاد سوق حر مستدام يساعد القطاعين العام والخاص على أن يتنافسا فيه على قدم المساواة. ومثل هذا التوجه، كما ذكرت سابقا، يعطي الحكومة القدرة في التركيز على السياسة الاستراتيجية المحورية في إدارة شؤون الإمارة.

وأوضح أن المجالات التي تحتاج إلى تركيز من نوع خاص لتحقيق رؤية حكومة أبوظبي الاقتصادية تتمثل في تطوير قوى عاملة منتجة ذات مهارة عالية وقادرة على إضافة قيمة مهمة في إطار الاقتصاد القائم على المعرفة. وترتبط إنتاجية العمالة بشكل لصيق بكل من التعليم والاستثمار في مختلف ميادين البحث والتنمية. وعادة ما ترتبط الإنتاجية بحسب المعايير العالمية بجودة المدخلات التكنولوجية بشكل عام في عملية إيجاد القيمة الاقتصادية ولتجاوز مثل هذه التحديات فقد تم تشكيل لجنة تطوير التكنولوجيا والمكلفة بتحقيق التقدم العلمي والتقني وتطوير سياسة الإبداع والتي يمكن تنفيذها كجزء من الخطة الخمسية للإمارة. وتركز التوصيات السياسية بهذا الخصوص على خمسة محاور: رفع سوية التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتشجيع البحث والتطوير وذلك بزيادة الاستثمار الحكومي في ميادين البحث والتطوير من خلال إطلاق مبادرات مثل إنشاء مراكز الإبداع التكنولوجي، وهذه المبادرات تهدف إلى تسهيل عملية تطوير منتج جديد ودعم مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا وذلك لإنشاء قاعدة لمؤسسة أعمال محلية نشطة؛ وتوفير بنية تحتية متخصصة لتعزيز الأثر الإيجابي الجماعي والمتكافل مع صناعات أخرى وأخيرا إصدار قوانين وقواعد تنظيم جديدة غايتها تحديد الدعم الاقتصاد المعرفي . وقد سبق أن تم اتخاذ خطوات للبدء بهذه العملية. فمثلا بدأت “مبادلة” باستثمارات استراتيجية في مجال التكنولوجيا المتقدمة في صناعة الطيران وصناعات رقائق الشرائح الإلكترونية وسبق أن تم ابتعاث طلاب للتدريب في هذه الشركات الصناعية.

وذكر أن معهد مصدر للتكنولوجيا قد بدأ مؤخرا بمنح درجات لخريجين غير متفرغين لإتاحة المجال أمام أشخاص عاملين حاليا وذلك بهدف تعزيز مؤهلاتهم وقدراتهم. علاوة على ذلك هناك جامعات عالمية مرموقة مثل جامعة السوربون وجامعة نيويورك بادرت بتأسيس فروع لها في أبوظبي تطرح برامج ومساقات للخريجين من الطلاب الإماراتيين. وبخصوص تحسين الإنتاجية في القطاع العام، فإن مركز التميز التابع لحكومة أبوظبي يتولى مسؤولية توفير موظفين يتمتعون بأعلى مستوى ممكن من القدرات التدريبية وفقا للمعايير العالمية.

وأضاف “كما سبق وقلت فإن الأولوية الاقتصادية لحكومة أبوظبي تبقى في بناء اقتصاد مستدام وطويل المدى من خلال ضمان نهج تنموي اجتماعي واقتصادي متوازن في كافة أنحاء الإمارة من شأنه أن يأتي بالمنفعة للجميع. وفي هذا العام بدأنا بزيادة وتيرة عمل البرنامج الاستثماري الاجتماعي والاقتصادي للمناطق بإيجاد مرافق سكنية ومنشآت للرعاية الصحية والخدمة المجتمعية، إضافة إلى مشروعات بنية تحتية مدنية كبيرة وإقامة مدينتين صناعيتين جديدتين في الرويس ومدينة زايد في المنطقة الغربية. وهذا ما ساعد في خلق فرص عمل للقاطنين في المناطق النائية في الوقت الذي يتم العمل فيه على تحسين مستوى معيشتهم من خلال توفير السكن الملائم وتحسين نوعية الخدمات الاجتماعية”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *