إذا أنت مت فى مصر الفرعونية ، فأول مايحدث هو تلك العاصفة الهوجاء

التى تجتاح الحي من صوات النسوة الأمر الذى يدل على أن مصر القديمة

ليست قديمة بدرجة كبيرة ..

ومع الصوات يكبشن مايتاح لهن من الطين ويلطخن به وجوههن إعراباً عن

حزنهن ، وياحبذا لو هناك شىء من النيلة الزرقاء ليتناغم لونها الأزرق مع

مافي وجوههن من سواد الطين ثم ينطلقن فى الطرقات كالمجانين مولولات

لاطمات الخدود ، ويكسرون بجانب قبرك قلة من الفخار فكما قيل هى حيلة

سحرية تمنع الميت من مغادرة قبره وربما لهذا السبب تكسر سيادتك قلة وراء

حماتك عندما تغادر منزلك ..

وعندما يدخل الميت الفرعوني لقبره ليبدأ رحلته الى مملكة اوزيريس فى العالم

السفلى وتكون رحلته طويلة مضنية بين جزر من اللهب وبحيرات من الماء المغلي

وعشرات البوابات التى يجب اجتيازها عليها حراس أقوياء قساة .. وفى قاعة المحكمة

الأزورية يتربع اوزيريس إله الموتى ومن خلفه نفت وأنوبيس وإيزيس ونفتيس ، وحوله

يجلس اثنان وأربعون قاضياً قيل انهم آلهة من الدرجة الثانية وقيل أنهم  أرواح شريرة ،

تمثل الأقاليم الإدارية للبلاد  ، وعلى مسافة غير بعيدة تقف غولة  رهيبة لها رأس تمساح

وبطن أسد ومؤخرة فيل ، فإن صدر الحكم ضد الميت تنقض عليه وتلتهمه التهاما فى ثوان

معدودة فتلتهمه برأس التمساح وتهضمه بمعدة الأسد وتلفظه بمؤخرة الفيل .. ومابين هذه

 الغولة والأرواح الشريرة يمكنك أن تلمح مدى العبقرية والدهاء التى إستخدمها الكهنة الخبثاء

 فى ارهاب الميت ..

ويجب على الميت بمجرد دخوله  على آلهة الموت اوزيريس ان يلقى بكلمة ثناء وان شئت

وصف أدق كلمة نفاق مناسبة : ” الولاء لك يها الاله العظيم ، يا سيد قاعة الصدق الأبدية

لقد حضرت يا سيدي لكى اشاهد جمال نورك ، ولكى أحمل الاستقامة من أجلك من بعد الخطيئة

ثم يشرع الميت فى محاولة تبرئة نفسه من اثنان وأربعون خطيئة وحيث أن كل إله من الإلهة

حول اوزيريس متخصص فى خطيئة معينة فيجب مخاطبتهم واحداً واحداً ، فيتجه للأول مخاطباً :

تحية لك يا طويل الخطا ، أيها القادم من أبونو ، أنا لم أرتكب معصية .. ثم يتجه الى الاله الثاني :

تحية لك يا ملتهم الظلال ، أيها القادم من جوف الليل البعيد ، أنا لم اسرق أحداً .. ثم يتجه الى

الإله الثالث : تحية لك يا مزدوج الشر ، أنا لم أرتكب الزنا .. وهكذا يتم الانتقال بينهم جميعا

مابين سارق النار ومهشم العظام وملتهم الأمعاء الى آخر هذه الأرواح قائلاً لهم أنه لم يقتل

ولم يزني ولم يسرق ولم يغش ولم يؤذى ولم يتلف أرضاَ أو يلوث مياهاً ولم يسكت

عن ظلم أو يتسرع فى حكم ..

ثم يقف بالنهاية أمام أوزيريس صارخاً بالهستيريا المناسبة :

أنا طاهر .. أنا طاهر .. أنا طاهر ..

 فينظر أوزيريس الى الميت نظرة الهية ثم يتوجه فى صمت الى حيث وضعت موازين ” رع ” ويضع

بإحدى الكفتين ريشة رمزا للصدق ، وفى الأخرى يضع قلب الميت ويتأرجح الميزان ليحدد المصير

 والذى إما أن يظفر الميت بجنات أوزيريس حيث الربيع الدائم وإما الغياب فى رأس التمساح وبطن الأسد  

، وأثناء ذلك يهمهم الميت من أعماقه بهذا الدعاء :

يا قلبي الذى أتى من أمي ، يا قلبي الذى ينتمي الى كياني ، لا تقف شاهدا ضدى ولا تكن معاديا لى أمام

سيد الموازين .. وسيد الموازين هو الإله تحوت الذى يقف بجانب الميزان بصمت يليق بالرهبة الالهية

ويداعب الاله تحوت الميزان بيده على صوت رهيب مرعب من الغولة الجائعة ، ثم يأتى صوت الاله

تحوت عميقا هاتفا : لقد حاكمت قلبه ، فوجدته غير ذى خطيئة ، لن نعطيه للملتهمة بل سنعطيه من الخبز

الذى أمام أوزيريس ، فيأكل الميت بنهم  فرحاً بنتيجة الحساب ثم يتابع سيره الى جنات أوزيريس الخضراء

الدائمة النضرة والتى تسرق الألباب وحيث السعادة الدائمة الأبدية .

 

 

 

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫3 تعليقات

  1. أخي الفارس بصراحه قرأت لك مواضيع كثيره وتعليقات أكثر وكُنت أفهم عليك 10 على 10 لكن اليوم موضوعك وتعليقاتك غريبه , بالله عليك لا تزعل وأنا أعرف أن اخوانا المصريين مُثقفين ومُتفهمين ويقبلون الراي الاخر , شكراً لك

  2. أهلا بك أخ عمر ، بالفعل موضوع الموت فى مصر الفرعونية يتسم بالغرابة والمعتقدات حينها وهو ماكتبت بخصوصه فجاء هذا الموضوع ، وماذكرته هنا ليس من تاليفى الخاص ولكنه مما جاء باللغة الهيروغليفية فى كتاب الموتى عند الفراعنة ، فاعتبرني أحكي واقص واقع ومعتقدات حينها .. أشكرك على مرورك وأتمنى أن يكون الأمر واضحا لك الآن .. وتقبل تحياتي

  3. ممكن سؤال لو سمحتوا ؟
    ليش الميت الفرعوني تدفن معاه اغراضه الثمينه والمهمه ؟؟؟؟ وهوه اصلا طريقه لمكانيين اما بطن الغوله او لجنان خضراء !!!!!!!
    ارجوا التوضيح ودمتم

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *