(( يوميات متلصص ))

جلست وسوزان في كافيتيريا مطار أورلي بباريس ننتظر إقلاع الطائرة التي ستقلني إلى بلدي بعد غياب دام ست سنوات .

حتى ربع الساعة الأخير هذا، لم تيأس سوزان من محاولة إقناعي بالبقاء في فرنسا، أخذت تكرر على مسامعي نفس الحجج التي سمعتها منذ شهور عندما أعلمتها بقراري النهائي بالعودة إلى الوطن والعمل هناك.

أنا ابن عائلة عربية تدين بالمسيحية والمذهب الكاثوليكي. نصف العائلة يعيش في باريس، لذلك كانت الأبواب مفتوحة أمامي للدراسة في هذا البلد، دراستي كانت سهلة وميسرة وخاصة إنني كنت أجيد الفرنسية حتى قبل قدومي إلى باريس، درست الإخراج السينمائي وتفوقت في دراستي. وها أنا أعود بعد تخرجي إلى بلدي ومدينتي.

سوزان أيضا ابنة عائلة عربية، ولكن كل عائلتها كانت قد هاجرت وتعيش في فرنسا، أصبحنا صديقين حميمين في السنتين الأخيرتين من دراستي، وكان يمكن أن نتزوج بمباركة العائلتين لولا إصراري على العودة إلى الوطن، وإصرارها على البقاء في فرنسا. قلت لها حسماً لآخر نقاش في الموضوع ونحن في المطار :

–   سوزان .. أنا أحب بلدي، مدينتي. أحب شوارعها وزواياها. هذه ليست رومانسية فارغة، إنه شعور أصيل، أحفظ العبارات المحفورة على جدران البيوت القديمة في حينا، أعشقها، أحن إليها. هذا أولاً، أما ثانياً فهو أنني أريد أن أكون مخرجاً متميزاً، في رأسي الكثير من المشاريع والخطط، إن طموحي كبير،  في فرنسا سوف أبقى غريباً، أعمل كأي لاجيء عندهم، يتفضلون علي ببعض الفتات … لا… لا أريد. في بلدي أنا صاحب حق وليس لأحد ميزة التفضل عليّ،  بقليلٍ من الجهد أستطيع أن أثبت وجودي، هذا إذا نحّينا جانبا حاجة الوطن لي ولأمثالي.  لذلك قراري بالعودة نهائي، وكل محاولة لإقناعي عكس ذلك عبث.

ران صمت استمر بضع دقائق. سمعنا النداء. آن أوان صعود الطائرة، وقفنا، شربنا ما تبقى في كؤوسنا من بيرة دفعة واحدة، نظرت إليها متأثراً، لمحت مشروع دمعة في عينيها، ألقت بنفسها على صدري، قبلتها سريعاً.  ” لا أطيق هكذا موقف ”  قلت : أتمنى لك السعادة.   وأنا كذلك، أرجو أن تنتبه، حافظ على نفسك.

 وصعدت الطائرة.

*  يوميات متلصص:

   إن التلصص الذي مارسته لم يكن تلصصاً جنسياً وان لم يخل الأمر من ذلك.

هذه اليوميات كتبت معظمها في السجن الصحراوي، وكلمة ( كتبت ) في الجملة السابقة ليست دقيقة.

ففي السجن الصحراوي لا يوجد أقلام ولا أوراق للكتابة.في  هذا السجن الضخم  الذي يحتوي على سبع ساحات إضافة إلى الساحة صفر، وعلى سبعة وثلاثين مهجعاً، وعلى العديد من المهاجع الجديدة غير المرقمة والغرف والزنازين الفرنسية (السيلول ) في الساحة الخامسة، والذي ضم بين جدرانه في لحظة من اللحظات أكثر من عشرة آلاف سجين، في هذا السجن الذي كان يحتوي على أعلى نسبة لحملة الشهادات الجامعية في هذا البلد، لم ير السجناء وبعضهم قضى أكثر من عشرين عاماً أية ورقة أو قلم.

الكتابة الذهنية أسلوب طوّره الإسلاميون. ” أحدهم كان يحفظ في ذهنه أكثر من عشرة آلاف اسم، هم السجناء الذين دخلوا السجن الصحراوي، مع أسماء عائلاتهم، مدنهم أو قراهم، تاريخ اعتقالهم، أحكامهم، مصيرهم  .

عندما قررت كتابة هذه اليوميات كنت قد استطعت بالتدريب تحويل الذهن إلى شريط تسجيل، سجلت عليه كل ما رأيت، وبعض ما سمعت. والآن أفرغ  “بعض” ما احتواه هذا الشريط.

– هل أنا نفس ما كنته قبل ثلاثة عشر عاما ؟! … نعم … ولا. نعم صغيرة، ولا كبيرة . نعم، لأنني أفرغ وأكتب “كتابة حقيقية” بعضاً من هذه اليوميات . ولا.. لأنني لا أستطيع أن أكتب وأقول كل شيء. هذا يحتاج إلى عملية بوح، وللبوح شروط. الظرف الموضوعي والطرف الآخر.

20 نيسان  :  وقفت على سلم الطائرة قليلاً أتملى أبنية المطار. أنظر إلى الأضواء البعيدة، أضواء مدينتي. إنها لحظة رائعة. نزلت، أخذت حقيبتي وجواز السفر في يدي، إحساس بالارتياح، إحساس من يعود إلى بيته وزواياه المألوفة بعد طول غياب .

طلب مني الموظف الانتظار. قرأ جواز السفر، رجع إلى أوراق عنده، بعدها طلب مني الانتظار، فانتظرت.

اثنان من رجال الأمن استلما جواز السفر وبلطف مبالغ فيه طلبا مني مرافقتهما ، أنا وحقيبتي – التي لم أرها بعد ذلك – ورحلة في سيارة الأمن على طريق المطار الطويل، أرقب الأضواء على جانبي الطريق، أرقب أضواء مدينتي تقترب، ألتفت إلى رجل الأمن الجالس إلى جواري، أساله : – خير إن شاء الله ؟ .. لماذا هذه الإجراءات ؟! يصالب سبابته على شفتيه، لا ينطق بأي حرف، يطلب مني السكوت، فأسكت!

رحلة من المطار إلى ذلك المبنى الكئيب وسط العاصمة. رحلة في المكان .

ومنذ تلك اللحظة ولى ثلاثة عشر عاماً قادمة! رحلة في الزمان.

“عرفت فيما بعد أن أحدهم، وكان طالبا معنا في باريس، قد كتب تقريرا رفعه إلى الجهة الأمنية التي يرتبط بها، يقول هذا التقرير إنني قد تفوهت بعبارات معادية للنظام القائم، وإنني تلفظت بعبارات جارحة بحق رئيس الدولة، وهذا الفعل يعتبر من اكبر الجرائم، يعادل فعل الخيانة الوطنية إن لم يكن أقسى . وهذا جرى قبل ثلاث سنوات على عودتي من باريس” . ذلك التقرير قادني إلى هذا المبنى الذي يتوسط العاصمة – قريباً من بيتنا  هذا المبنى الذي أعرفه جيداً، فلطالما مررت من أمامه. كنت حينها مُثاراً بالغموض الذي يلفه، وبالحراسة الشديدة حوله.

رجلا الأمن يخفراني، اشتدت قبضاتهما على ساعديّ عندما ولجنا الباب إلى الممر الطويل. في آخر الممر شاب، صاح عندما رآنا : – أهلين موسى ..شو ؟! أخضر ولا أحمر؟  – كلّو أخرى من بعض.

من الممر إلى ممر آخر، درج داخلي، ممر علوي، غرفة إلى اليمين… قرع الباب… صوت من الداخل: أدخل.

فتح مرافقي الباب بهدوء، ثم خبط الأرض بقدميه بقوة :- احترامي سيدي ،هذا مطلوب جبناه من المطار .سيدي.

انسلت إلى أنفي رائحة مميزة، لا يوجد مثيلها إلا في مكاتب ضباط الأمن، هي خليط روائح، العطور المختلفة، السجائر الفاخرة، رائحة العرق الإنساني، رائحة الأرجل ، كل ذلك ممزوج برائحة التعذيب. العذاب الإنساني. رائحة القسوة. ما أن تصل الرائحة إلى أنف الإنسان حتى يشعر بالرهبة والخوف، وقد شعرت بهما رغم اعتقادي أن التباساً ما وراء كل هذا .

التفت إلينا شخص عملاق، أبيض الشعر ذو وجه أحمر، لمحت عند قدميه شاباً مقرفصاً معصوب العينين، قال العملاق : – خذه لعند أبو رمزت.

جذبني المرافقان، هذه المرة بعنف ظاهر. ممرات وأدراج، كم يبدو البناء صغيراً من الخارج، بينما هو بكل هذا الاتساع من الداخل، خلال سيرنا تصلني أصوات صراخ إنساني واستغاثات، كلما تقدمنا أكثر تزداد هذه الأصوات ارتفاعاً ووضوحاً، نزلنا – على ما أعتقد – إلى القبو، فتح أحد مرافقيّ الباب، رأيت مصدر الصراخ والاستغاثة، فاجأتني صرخة ألم عالية إثر ضربة كابل على قدمي الشخص الممدد أرضاً والمحشور في دولاب سيارة خارجي، رجلاه مرتفعتان في الهواء.  “أحسست أن شيئي بين فخدي قد ارتجف”.

بينما كنت مذهولاً من رؤية الكابل الأسود يرتفع ثم يهوي على قدمي الشاب المحشور في دولاب السيارة الأسود ثم يرتفع ناثراً معه نقاط الدم ونتف اللحم الآدمي، جمّدني صوت زاعق. التفت مرغماً إلى مصدره، في زاوية الغرفة رجل محتقن الوجه، محمرّه، والزبد يرغي على زاويتي فمه :  – طمّش عيونه ..ولا حمار!!

قفز أحد مرافقيّ قفزتين، واحدة إلى الأمام، وأخرى إلى الوراء، وإذا بشيء يوضع على عينيّ ويُربط بمطاط خلف رأسي ، ولم أعد أرى شيئا.

– وقفوه على الحائط .

دفعة على ظهري، صفعة على رقبتي، يداي إلى الخلف، أسير مرغما، يرتطم رأسي بالجدار، أقف.

– إرفع يديك لفوق ..ولك كلب …   أرفعُهما . – إرفع رجلك اليمين ووقف على رجلك اليسار ..يا ابن الشرموطة 

  أرفع رجلي، أقف.

في الخلف يستمر ما كان يجري، أسمع صوت الكابل، صوت ارتطامه بالقدمين، صوت الشاب المتألم، صوت لهاث الجلاد، أكاد اسمع صوت نتف اللحم التي رأيتها تتطاير قبل قليل.. أصوات.. أصوات.

عند الأعمى الصوت هو السيد.

الكرسي المريح في مطار اورلي، سوزان، مرطبات، بيرة، المقعد الوثير في الطائرة، المضيفة التي تفيض رقةً وجمالاً، العصير.. الشاي !!

تتعب رجلي اليسرى التي تحمل كامل جسدي.” لو بدلت اليمنى باليسرى، هل سينتبه الرجل ذو الوجه المحتقن؟! وإذا انتبه ماذا سيفعل ؟!” . تتخدر اليسرى، لم أعد أستطيع الاحتمال، أغامر ..أبدل !!.. لم يحصل شيء، لم ينتبه أحد، أشعر بالانتصار!.. “بعد سنين طويلة من السجن مستقبلاً، سأكتشف أنه في الصراع الأبدي بين السجين والسجان، كل انتصارات السجين ستكون من هذا العيار!!”.

الزمن ثقيل .. ثقيل .. حالة من اللاتصديق تنتابني!! ما الذي يجري؟! ولم أنا هنا ؟! آلاف الأسئلة، أحاول أن أستند بيدي إلى الحائط، ألمسه برؤوس أصابعي …. فجأة يصيح الشاب المحشور في دولاب السيارة الخارجي الأسود : – بس يا سيدي ..بس، مشان الله، ما عاد فيني أتحمل! رح أحكي كل شي.

بهدوء وبلهجة المنتصر، يقول الرجل ذو الوجه المحتقن :

– بس إبراهيم .. كافي، اتركه، طالعه من الدولاب وخذه لعند الرائد.

اسمعه يتكلم بالهاتف مع الرائد. فكرت: جاء الآن دوري !!؟ .

فعلاً، سمعت صوت سماعة الهاتف تعاد إلى مكانها، صاح المحتقن : – ولك أيوب ..أيوب .  – نعم سيدي.

– تعال شوف هذا الزبون . أحس بأيوب خلفي .  – دخله عـ الدولاب ..يا لله بسرعة.

شعرت بأن أكثر من خمسة رجال قد جذبوني وأوقعوني أرضاً. ” الى الآن ، بعد أربعة عشر عاماً مضت على تلك اللحظة، لم أستطع أن أفهم أو أتصور كيف أن أيوب قد حشرني في ذلك الدولاب الخارجي للسيارة، بحيث أصبحت رجلاي مشرعتين في الهواء، لا أستطيع الفكاك مهما حاولت، ولا كيف انتزع حذائي وجواربي !!”.

– سيدي ..كابل ولاّ خيزرانة ؟  – خيزرانه .. خيزرانه، يظهر الأستاذ نعنوع!

سيخ من النار لسع باطن قدمي، صرخت. قبل انتهاء الصرخة كانت الخيزرانه قد لسعت مرة أخرى .. الضرب متواصل، الصراخ متواصل. رغم ذلك سمعت صوت الرجل المحتقن : – أيوب.. بس استوى ناديلي.

لا أعرف لماذا يضربونني! لا أعرف ماذا يريدون مني، تجرأت وصرخت :  – لك يا أخي شو بتريد مني؟.

– كول خرى.. ولامَنيك . هذا كان رد أيوب الذي لم أر وجهه أبداً. وبدأت أعد الضربات وأنا أصرخ ألما. “بعد ذلك بزمن طويل، أخبرني المتمرسون: إن عدَّ الضربات أول علامات الضعف، وإن هذا يدل على أن المجاهد أو المناضل سينهار أمام المحقق!!..وقتها قلت في نفسي: ولكنني لست مناضلاً ولا مجاهداً. وأخبروني أن من الأفضل في هذه الحالات أن تكون لديك قدرة كبيرة على التركيز النفسي بحيث تركز على مسألة محببة لك، وتحاول أن تنسى قدميك !!”.

عند الرقم أربعين أخطأت العد، وبدأت أفقد إحساسي بجسدي، صراخي خفتت حدته، حالة من عدم التوازن و الدوار، الغمام – رغم الطماشة – بدأ يطفو أمام عيني “هل بدأت أفقد وعيي ؟” غمام ..دوار .. مطار أورلي .. العصير البيرة ..الطائرة والمضيفة اللطيفة …إحساس مبهم بأن كل شيء قد توقف.. استعدت استيعاب الموقف.. نعم حتى الضرب توقف! خدر… خدر .. دقائق قد تكون طويلة … قد تكون قصيرة ..لست أدري !! صحوت!.

صوت الرجل ذو الوجه المحتقن ثانية :  – شو يا أيوب .. صحي ولاّ لأ؟  – صحي .. سيدي.. صحي ، بس .. شخ تحتو!! – العمى بـ عيونه ..الظاهر إنو الأستاذ كتير خروق!! أحسست بلكزة في خاصرتي، وصوت المحقق:

– ولك شو ؟ .. مانك رجّال ؟! العمى بعيونك ما بتستحي تشخ تحتك ؟! شو اسمك ولا ؟  قلت له اسمي.

– ولا كلب .. شوف ، لسه ما بلشنا معك، صار فيك هيك، لسه هذا كله مزح وما بلشنا الجد، الأفضل من البداية تريح حالك وتريحنا … بدك تحكي … يعني بدك تحكي!! هون عندنا الكل بيحكوا … وبدك تحكي كل شي .. من طق طق ..لـ السلام عليكم ! هاه ..؟ مستعد تحكي ؟ – يا سيدي بحكي شو ما بتريد . بس قولولي شو بدي أحكي!

– طيب ..هات لنشوف ..شو أسماء أسرتك ولا ؟

بدأت أعد له أسماء أهلي، بدءاً من والدي ووالدتي، لكنه قاطعني صارخاً مهتاجاً :

– ولا جحش ..عم تجدبها علي ؟ أنا بدي أسماء أهلك !! خراي عليك وعلى أهلك، قل لي أسماء أسرتك بالتنظيم ولا …  كر.  – أي تنظيم يا سيدي؟ أي تنظيم؟

– يا أيوب .. يبدو هـ التيس عم يغشم حاله!! بدو يعذبنا و يعذب حاله!!

– يا سيدي ..وحياة الرب..وحياة الرب ..ما بعرف عن شو عم تسألني! أي تنظيم هذا يللي عم تحكي عنه؟

صوت خطوات. شعرت أنه اقترب مني، أنفاسه لفحت وجهي، وبهدوء شديد قال : – تنظيم المنايك أمثالك .. تنظيم الإخوان المسلمين ..شو ما بتعرف تنظيمك ؟!.

“لاحظت أن رائحة فمه كريهة جداً”. لم أدر. هل علي أن أفرح لأن الالتباس بدا واضحاً جلياً ؟ ..أم ألعن حظي العاثر الذي أوقعني في هذا الالتباس ؟.. أم ألعن الصدف التي قدرت أن أصل مباشرة إلى أبو رمزت ؟.. لو أنهم فتشوني وأخذوا أغراضي كما يفعلون مع الجميع.. لتبين لأحد ما من أكون وما هي جريمتي، ولكن أن أدخل فرع المخابرات في اللحظة التي كان يأتي فيها إلى الفرع يومياً مئات المعتقلين من الإخوان المسلمين، وأن أُحشَر بينهم، وأن يعمل الضباط والعناصر على مدار الأربع وعشرين ساعة يومياً، وأن تكون الفوضى داخل الفرع عارمة لهذه الدرجة، فمن المستحيل عندها أن أستطيع إزالة وتوضيح هذا  الالتباس. وفوق كل هذا اسمي الذي لا يوحي بأنني لست مسلماً.  ولكن رغم ذلك، صرخت : – بس سيدي أنا مسيحي.. أنا مسيحي!!

– شو ولا !! عم تقول مسيحي ؟! العمى بعيونك ولا ..ليش ما حكيت ؟! ليش جايبينك لكان؟..أكيد..أكيد عامل شغلة كبيرة!..مسيحي؟!

– أنتو ما سألتوني يا سيدي ..ومو بس مسيحي .. أنا رجل ملحد ..أنا ما بآمن بالله !!

“الى الآن لم أجد تفسيراً لفذلكتي هذه، فما الغاية من إعلان إلحادي أمام هذا المحقق ؟.. لا أعرف !”.

– وملحد كمان؟!      سألها بصوت عليه مسحة من تفكير.

– نعم سيدي ..نعم . والله العظيم..وشوف جواز سفري.

سكت الرجل المحتقن لحظات بدت لي طويلة جداً. سمعت صوت أقدامه تبتعد، وبصوت واضح قال :

– قال ملحد… قال !! إي.. بس نحن دولة إسلامية !!..أيوب..كمل شغلك!!

وعادت خيزرانة أيوب تواصل عملها.

” منذ اللحظات الأولى لاحتكاكي بهؤلاء، استخدمت كلمة _ ياأخي_ عند الإجابة على سؤال ما، لكن أيوب صفعني قائلاً :  _ ولا كلب.. أنا أخوك؟.. أخوك بالخان.

تداركت الأمر وخاطبته ب “يا أستاذ” وصفعة أخرى : أستاذ؟.. أستاذ ببيت أهلك..بين فخاذ أمك.

منذ تلك اللحظات علموني أن أقول: ” ياسيدي”.

هذه الكلمة لاتستخدم هنا كما بين رجلين مهذبين، هذه الكلمة تُنطق هنا وهي تحمل كل معاني الذلّ والعبودية.

21  نيسان

 فتحت عيني ببطء، أكاد اختنق من نتانة الروائح المحيطة بي، حولي غابة من الأقدام والأرجل، ملقى على الأرض بين هذه الأقدام المكتظة، رائحة الأقدام القذرة، رائحة الدم، رائحة الجروح المتقيحة، رائحة الأرض التي لم تنظف منذ زمن طويل … الأنفاس الثقيلة لأناس يقفون متلاصقين “علمت بعد قليل من خلال عملية التفقد والعد، أننا كنا ستة وثمانين رجلاً، عاينت سقف الغرفة وقدرت أن مساحتها لا تزيد عن خمسة وعشرين متراً مربعا.!!”.

الحديث بين الناس يجري همساً، الأمر الذي يولد أزيزاً متواصلا يخيم فوق الجميع. أردت الوقوف لاستنشاق بعض الهواء.آلام فظيعة في كامل الجسد، تحاملت، تجلدت، وعندما حاولت أن أقف على قدمي صرخت ألماً.

انتبه الناس من حولي، عدة أياد امتدت، أمسكت بي من تحت إبطي وأنهضتني، وقفت مستندا إلى الأيادي، قال شاب يقف إلى جانبي : – اصبر يا أخي.. اصبر، إنها شدة وتزول!!

قال آخر : – من يكن مع الله فإن الله سيكون معه..لا تيأس يا أخي.

مع الحركة خفت الآلام قليلاً، نظرت حولي، رجال.. شباب.. ويوجد أطفال في الثانية عشر والثالثة عشر ..كهول.. شيوخ!!   التفتّ إلى الرجل الذي حاول أن يشد من عزيمتي قبل قليل، سألته : – مين هدول الناس؟ .. ليش نحن هون؟ ليش الناس واقفين؟!

نظر الرجل إليّ بحيرة تقرب من البلاهة وكأنه يقول: كيف يمكن شرح ما هو بديهي؟!! ورد بسؤال :

– أنت ..ما بتعرف شو صاير بالبلد ؟!

“كنت، وأنا في فرنسا، قد سمعت أنباءً عن اضطرابات سياسية تحصل هنا، وأن هناك حزباً يدعى الإخوان المسلمين يقوم ببعض حوادث العنف هنا وهناك. ولكني لم أعر هذه الأنباء أية أهمية، وبقيت مبهمة، فلم أعرف التفاصيل، ولم أكن يوما من هواة نشرات الأخبار، أو العمل السياسي المنظم، رغم أنني كنت في المرحلة الثانوية وما تلاها قريباً من بعض الماركسيين ومتأثراً بأفكارهم، خاصة أفكار خالي الذي كان على ما يبدو يحتل مركزاً قيادياً مهماً في الحزب الشيوعي”.

أجبته : –  لا والله .. ما بعرف! .. ليش شو صاير؟

– ليش مانك عايش بالبلد؟!

و أردت أن اقطع كل دابر أسئلته، فأجبته دفعة واحدة عن كل ما يمكن أن يسأله :

– لأ .. كنت عايش بفرنسا.. واليوم أنا جيت، يعني من..   “نظرت الى ساعتي” أربع عشرة ساعة بس.

– العمى معك ساعة ؟!! ..خبيها يا أخي خبيها، شايف كل الناس هون، هدول كلهم من خيرة المؤمنين والمدافعين عن الإسلام بها البلد، امتحان يا أخي امتحان، امتحان من الله عز وجل.

قاطعته وقد بلغ بي الإحساس بغرابة وضعي وبالغبن والضيق حداً كبيراً، قلت محتدّاً :

– طيب .. العمى أنا شو دخلني؟! أنا مسيحي ماني مسلم، وأنا ملحد ماني مؤمن!!

” هذه هي المرة الثانية التي أعلن فيها أنني ملحد – وكانت فذلكة أيضا -.  في المرة الأولى كلفتني وجبة من خيزرانة أيوب، بأمر من أبو رمزت الذي ذبح المسلمين لأننا نعيش في دولة إسلامية !!! أما في المرة الثانية فإنها ستكلفني سنوات طويلة من العزلة المطلقة، ومعاملة كمعاملة الحشرات، لا بل أسوأ منها”.  رأيت محدثي وكأنه قفز إلى الخلف. ولكوننا محشورين، لم يتحرك منه إلا جزؤه العلوي فقط، وبشكل عفوي قال :- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. – ثم بصوت أعلى – .. يا شباب في واحد نصراني كافر !.. في عندنا واحد جاسوس.

صُوّبت نحوي مجموعة من العيون، في نفس الوقت الذي سمعت فيه صوتاً آتياً من خلفي، صوتاً آمراً :

ـ مين هذا يللي عم يرفع صوته ؟ .. سكوت ..سكوت ! يا لله .. صار وقت التبديل.

لم استطع استيعاب الأمر !! في الجزء الأبعد من الغرفة كانت هناك مجموعة من الناس المستلقين على الأرض، وقد اصطفوا بطريقة غريبة ولكن منتظمة. “كما لو كانوا مجموعة من لفائف التبغ قد اصطفت في علبة”. وبين المستلقين وبيننا نحن الواقفين، توجد المجموعة الثالثة، مجموعة المقرفصين على الأرض.

بعد كلام الرجل الضخم ـ علمت أنه رئيس المهجع ـ تحركت المجموعات الثلاث. خلال لحظات كان النيام جميعاً قد وقفوا واحتلوا الركن الذي كنا فيه تدريجياً. نحن قرفصنا. المجموعة الثالثة اتجهت الى مكان النوم

ـ يا لله سيّف.. سيّف، كل النايمين يسيّفو.   “وتبين أن التسييف هو النوم على الجنب”.

الأول استلقى لصق الحائط على جنبه، ظهره إلى الحائط، الثاني استلقى أمامه واضعاً البطن على البطن، رأس كل واحد منهما عند أقدام الآخر.

الثالث سيّف ووضع ظهره لصق الظهر الثاني، الرابع بطنه على بطن الثالث، ودائماً الرؤوس عند الأقدام.

تتابع المستلقون إلى أن وصل الصف إلى الحائط الثاني من الغرفة ولازال هناك ستة أو سبعة أشخاص لم يبق لهم مكان. هنا صاح رئيس المهجع :  ـ يا لله ..يا كبّيس .. أجا شغلك!

قام الرجل الضخم الثاني بهدوء ـ يبدو مصارعاً ـ . ذهب إلى أول رجل مستلقٍ عند الحائط ، وبهدوء وضع قدميه بين الحائط وبين الرجل المستلقي، استند بظهره إلى الحائط، ثم أخذ يدفع المستلقي بباطن قدميه، دفع أكثر، أنضغط المستلقون قليلا، أصبح هناك مسافة تتسع لرجل آخر، نادى على واحد من المتبقين: يا لله .. إنزل هون.

نزل الرجل مستلقياً على جنبه بين أقدام الكبّيس والرجل الأول، ثم بدأ الكبّيس بالضغط على الرجل الجديد، ومرة أخرى حقق مسافة تتسع إلى آخر.. يا لله .. إنزل هون، ثم الضغط من جديد ورجل جديد، في النهاية تم استيعاب جميع الذين لم يبق لهم مكان سابقا، عاد الكبيس إلى مكانه بنفس الهدوء، وهو ينفض يديه!.

راقبت المستلقين، بعضهم استغرق في النوم فوراً!!.

ثلاثة أيام قضيتها في تلك الغرفة. “سمعت أن بعضهم سابقاً ولاحقاً، قضى فيها شهوراً عديدة، وفي بعض الحالات كان العدد يزيد على عددنا”. خلال هذه الأيام تعرفت على الغرفة جيداً.

بعد قليل من جلوسنا القرفصاء، أحسست أنني أريد قضاء حاجة، التفت إلى جاري وسألته:

ـ أين يقضي الإنسان حاجته ؟ أشاح بوجهه عني ولم يجب، سألت الجار الآخر، أيضاً لم يجب. تذكرت أنني نصراني، كافر، جاسوس، وستظل تلاحقني هذه التهم .

موقعي قريب من رئيس المهجع، سألته فدلني على المرحاض.  “إذن في الغرفة مرحاض!”. اضررت للانتظار أكثر من ساعة. مرحاض واحد، حنفية ماء واحدة، وستة وثمانون شخصاً.

عدت إلى موقعي. حركة ما فوق، نظرت. أنبوب الصرف الصحي، ويبدو أنه للبناء كله، يقطع الغرفة من أولها إلى آخرها. بين الأنبوب وبين سقف الغرفة حوالي النصف متر. فوق هذا الأنبوب ينام اثنان من الفتية عمر كل منهما حوالي خمسة عشر عاماً، احتضن الواحد منهما الأنبوب بيديه وصدره وتدلت الأرجل إلى الأسفل، بينما الرأس مرتاح على صوت خرير الماء داخل الأنبوب.

ـ بحياتي ما نمت أحلى من هـ النومة!!    قال أحدهما في اليوم الثاني.

22 نيسان  استيقظت!

بعد ثماني ساعات من القرفصة جاء دورنا في الاستلقاء. بعض المقرفصين ممن لهم خبرة نبهوا بعضهم إلى ضرورة الذهاب إلى المرحاض قبل الاستلقاء، لأنك إذا استلقيت وانتهى الكبيس من عمله، ومهما كان السبب الذي قمت من الاستلقاء من أجله فإن مكانك سيذهب .

استلقيت مضغوطاً بظهر رجُل على ظهري، وبطن رجل آخر على بطني، “تذكرت صديقتي التي تحب الوضعية الفرنسية !!”.خلف رأسي قدمان، وأمامه قدمان. كيف يمكن للإنسان أن ينام وهو يشم هذه الرائحة ؟!!

ورغم ذلك نمت نوماً عميقاً .. والآن استيقظت.. صحوت تماما .. كل شيء في جسدي مضغوط ..لكن الضغط على أسفل بطني شديد ويكاد يكون مؤلما. “يبدو أن لصيقي الأمامي قد امتلأت مثانته، فتحجر عضوه، وطبيعي أن ينغرز في بطني أنا”. وفي ظل هكذا ظروف من المعيب أن تفكر باحتمال آخر!!

حاولت زحزحته فلم أفلح، فمع كل حركة ينغرز أكثر، سمعت شخيره، فكرت أن أمد يدي على صعوبة ذلك، ولكن خشيت أن يستيقظ لحظتها. “ماذا سيقول إذا استيقظ وعضوه في يدي ؟!!”.

انسللت من وضعية الاستلقاء بصعوبة، وذهبت إلى المرحاض.

ثلاث ليال.. وثلاث مرات يفتح الباب في اليوم ويغلق، وفي كل مرة يفتح الباب.. يدخل الطعام في أوانٍ يسمونها قصعات. صباحاً لكل واحد رغيف مرقد مع قطعة حلاوة، هذان الصنفان يوزعهما رئيس المهجع، وخمس قصعات من سائل أسود “تبين انه شاي”. وفي المساء كذلك. تدور القصعة من شخص لآخر .. يرفعها، يرشف منها، يناولها لمن بجانبه. أما الظهر، فتكون القصعات مليئةً بالبرغل، مع قصعة رب البندورة تحتوي بعض الخضار .  ” لن أنسى أبدا الطريقة التي تخاطف بها الناس قطع اللحم في المرة الوحيدة التي جلبوا فيها لحماً. فكرت، حتى الوجبتين الصباحية والمسائية، لولا رئيس المهجع لتحول المهجع إلى غابة”.

خلال هذه الساعات التي بدت لي بطول دهر، كنت كمن يطفو في الزمان والمكان. رغبة بدت لي كاعتقاد راسخ بأن كل هذا ماهو إلا خطأ سخيف سينتهي بعد قليل.

حسي المهني والفني قابع في زاوية بعيدة يراقب ولايتدخل، هذا الحس الذي يبقى خارج حيز الألم والقلق، يبقى متيقظاً ومحايداً مهما كانت درجة آلامي النفسية أو الجسدية، هو يراقب ويسجل .

أتذكر قولاً لأحد أساتذتي المرموقين: إن الحدث مهما كان صغيراً، فإن المخرج الجيد يستطيع أن يصنع منه فيلماً جيداً، الحدث هو الهيكل العظمي وعلى المخرج إكساؤه باللحم والثياب . هذا الحس التقط مشهد تخاطف قطع اللحم، وأحس المفارقة الصارخة بين مجموعة من الأشياء المحيطة التي تدعو للإقياء_ أو على الأقل_ العزوف عن كل شيء، وبين الفعل المادي الممارس من قبل خاطفي قطع اللحم.

ما الذي يفقد هؤلاء الناس الحس باللياقة والذوق؟! وبالتالي بالكرامة والعزة البشرية، هل هو الصراع من أجل البقاء؟.. قد يكون .    

ثلاثة أيام بلياليها، أكلت نصف رغيف مع قطعة حلاوة.

23 نيسان          استيقظت!.

كان الاستلقاء الثاني ” النوم على البلاط ” أفضل قليلاً، استيقظت قبل انتهاء مدة الثماني ساعات، لم أشعر برغبة في النهوض. حلمت أني قد شبعت نوماً ولكني أتابع استرخاءً وترفاً .  “تمنيت لو أني أستطيع المطمطة قليلاً!. تمنيت فنجان قهوة وسيجارة”. مكاني قريب من رئيس المهجع. أسمع حديثه والكبّيس، فتح السجان طلاّقة الباب وهي النافذة الصغيرة في أعلى الباب. قفز رئيس المهجع، تبادل حديثاً مطولاً مع السجان الذي فتح الطلاّقة. عاد رئس المهجع.   قال للكبّيس همسا :   جاي دفعات كبيرة من المحافظات .. وجماعتنا هدول .. اليوم أو بكرة راح يترحلوا عـ السجن الصحراوي .   ردّ الكبّيس متسائلاً باستغراب :

          العمى.. شو راح يحطوا الناس كلها بالسجن !؟ … إي .. ما ضل حدا برات السجن !!.

          ولك سكوت .. اوعا حدا يسمعك … ما دخلنا نحن يا عمّي!!.

“رئيس المهجع والكبّيس مسجونان بجرم التهريب”.

عند المساء، وعندما انتقلت مجموعتنا من الوقوف إلى القرفصة، تعمدت أن أقرفص قرب رئيس المهجع. انتظرت حتى قبيل وجبة الطعام الثالثة، وبوجه حاولت أن يكون بشوشاً، قلت له :

          يا أستاذ .. عفواً .. ممكن احكي معك شغلة ؟.

          أستاذ ؟! .. من وين لوين ساويتني أستاذ ؟ .. نعم شو بدك ؟! .

          يا سيد .. أكيد في غلط!.

          وين الغلط ؟.. يا أستاذ.

          يا أخي أنا ماني مسلم .. حتى أكون إخوان مسلمين.. أنا مسيحي وليش حطوني هون، ليش جابوني أصلاً، ما بعرف!! .

          لك يا أخي الطاسة ضايعة .. ما في حدا لحدا .! .؟

          طيب ممكن تقول لرئيس السجن .. لشي حدا مسؤول هالحكي ؟

          وين أنا بدي شوف مدير السجن ؟.. خلص .. خلص.. هلق بيجي السجان وراح أنقل له هـ الحكي.

سمعت طقطقة القفل، وقف رئيس المهجع، أمسكت يده : أرجو ألا تنسى أن تقول له.

هز رأسه، فُتح الباب، “يا لله دخّلوا الأكل”. دخل الأكل. خاطب رئيس المهجع السجان :

          يا سيدي … في عنا واحد هون .. عم يقول ..

 قاطعه السجان مسرعاً : – عم يقول ما عم يقول ! أنا ما بعرف شي … هلق ببعتلك رئيس النوبة .

بعدما يقرب من نصف الساعة، طقطقة الباب مجددا، ظهر شخص وسيم، وبلهجة جبلية ثقيلة:

– شو في عندك يا رئيس المهجع؟

جذبني رئيس المهجع من كتفي، وقفت. قال  : – احكي له… احكي له، لسيدنا أبو رامي!

متلعثماً.. متأتئاً .. شرحت له الأمر، وبنفس اللهجة الجبلية ردّ علي :

– طيب أنا شو بدي ساوي لك ؟ … مسيحي ؟ .. إيه وإذا مسيحي !… بلكي عاونت الأخوان المسلمين مثلاً … يعني بلكي بعتهم سلاح مثلا … إي هيك بتكون أضرط منهم مثلا …

ثم التفت إلى السجان، أمره : – سكّر … ولا سكّر الباب .   

وقبل أن يغلق السجان الباب، التفت أبو رامي إلى الناس في المهجع، وبصوت عال قال :

– ولا .. عرصات … ولا انتو مانكن إخوان مسلمين … انتو إخوان شياطين … فرجونا شطارتكم لشوف .. هاي عندكم واحد مسيحي .. انشطوا معه .. اهدوه للدين الحنيف .. بس شاطرين تقتلوا وتخربوا بـ هالبلد !!

أغلق الباب الحديدي بيده بقوة، ومالبث أن فتحه فوراً وعلى وجهه ابتسامة عريضة، تعلقت كل الأنظار به، فتابع يقول : – ولا كلاب … عرصات … إذا حسنتوا تساووه مسلم، لا تنسوا تنظموه بالإخوان المسلمين، مشان تصير حبسته محرزة.     وأغلق الباب بقوة.

الاستلقاء الثالث :

لصيقي الخلفي كان ذا مؤخرة عريضة وكبيرة، ضايقني وأراحني، إنه أفضل من ذوي العظام الناتئة التي تنغرز في جسدك بلا رحمة عند الكبس. لصيقي الأمامي شاب في العشرينات لا تبدو عليه علائم التدين.

عاصاني النوم بعد حديث أبو رامي. كان هناك أمل كبير يعيش داخلي بأن أحداً ما سيكتشف الخطأ، وفوراً يُصار الى تصحيح هذا الخطأ، ولكن بعد هذا الحديث … والطاسة ضايعة … والترحيل إلى السجن الصحراوي !!… خالطني اليأس والخوف من المصير المجهول.

ساعتان أو ثلاث… لست أدري … وأخيرا بدأت أهوم ، التعب ، الإرهاق ، النوم … ثم … أصحو تدريجياً. إحساس بالضيق. أقترب من الصحو أكثر، أشعر أن قدميّ مكبلتان، كانت قدماي قد تورمتا من خيزرانة أيوب، أصحو أكثر … شعور بالدفء والرطوبة يصعد من قدمي، قليل من الألم أيضاً… حركة ما… أنتفض… أصحو تماماً… أرفع رأسي وأنظر إلى قدمي العلوية :

لصيقي الأمامي، الشاب، يقبض على قدمي العلوية بكلتا يديه، وقد وضع أصبع قدمي الكبير في فمه وأخذ يمصه !! لكزته … ثم لكزته، تراخت يداه ، سحب رأسه! تابعت اللكز، استيقظ الشاب تماماً، نظر إلي بغضب واستنكار!!. وبحدة قال :   – ليش فيقتني؟ !

– شو ليش فيقتك ؟ مانك شايف شو عم تساوي ؟

– يلعن سماك!! قطعت علي أحلى منام !!

– شوكنت شايف منام ؟

– نعم … كنا أنا وميسون … وباللحظة يلي مسكتها ومسكتني … وبلشنا … بـ ”         ” حضرتك فيقتني!!

– ومين هي ميسون …. دخلك ؟        – ميسون؟ …. ميسون خطيبتي.

– عفواً لا تواخذني … ارجع نام .. لكن لا تخربط بين إصبع رجلي وشفايف ميسون .

 لم أستطع النوم بعدها … أسئلة وأسئلة، أي عالم هذاالذي حشرت فيه؟! هل هذه هي البداية؟ ولكن إلى أين؟. هل بإمكان أي كاتب أو سينارست أو مخرج تخيل هكذا عوالم؟! أسئلة تطارد أسئلة !! …

} طوال ثلاثة عشر عاما ، لم أسمع مرة قرقعة المفتاح في الباب الحديدي إلا وأحسست أن قلبي يكاد ينخلع!! لم أستطع الاعتياد عليها{

قرقع المفتاح في غير وقته، قفز رئيس المهجع في اللحظة التي انفتح فيها الباب، أبو رامي والى جانبه شخص طويل في الخمسينات يضع نظارات طبية بيضاء، خلفهما حوالي العشرين عنصرا، قال ذو النظارات  :  – وين رئيس المهجع ؟      – حاضر سيدي !

– بهدوء ونظام، طالعلي هدول كلهن لبره، اتنين اتنين، ما يبقى هون إلا أنت والمهرب الثاني …وين المهرب التاني؟      – حاضر سيدي.

– خليك هون أنت كمان… يا لله  .

وخرجنا … اثنين …  اثنين … وكان فجر 24 نيسان.

24 نيسان

اليدان مقيدتان بالقيد الحديدي إلى الخلف، كاحل القدم مربوط بجنزير حديدي إلى كاحل سجين آخر، نسير بصعوبة، نتعثر، ممرات … أدراج …. تُسجّل أسماؤنا ضمن لوائح  .  يتركنا ذو النظارات بضع دقائق واقفين و يذهب حاملاً اللوائح الاسمية، يعود، من المؤكد انه ذو أهمية، لم لا أشرح له الأمر، يقترب مني، أعاجله   :   يا سيدي كلمة واحدة .

                      كول خرى  ….. ولا.  وصفعة مدوية.

تنبثق آلاف النجوم البراقة أمام عيني، الفجر ربيعي، أترنح…. أسكت . يسحبوننا إلى خارج البناء، أرى أربع سيارات شحن ذات أقفاص معدنية، السجناء يسمون هذه السيارات بـ ” سيارات اللحمة “. قد تكون سميت كذلك لأنها تشبه السيارات التي يوزعون بها الأغنام المذبوحة من المسالخ إلى الجزارين ، أو لأن السجناء يصطفون بداخلها كما تصف الذبائح داخل سيارات اللحمة الحقيقية.

سلم معدني ذو ثلاث عوارض، نصعد بصعوبة بسبب الأرجل المقيدة وعدم إمكانية الاستعانة باليدين، يجلسوننا على أرضية السيارة، تمتلىء السيارة، يغلق الباب بقفل كبير، يجلس عنصران من الأمن أمام الباب من الخارج. انتظار …. انتظار، ثم تنطلق السيارات سوية. نصبح خارج المدينة، تزداد سرعة السيارات، نترك الظلام وراءنا، شيئاً فشيئاً تلوح أولى خيوط الفجر الفضية.

} هل هي رحلة من الظلام إلى النور ؟ … آمل ذلك. {   سمعت أحدهم يسأل آخر  :

          قديش بدنا وقت حتى نوصل ؟  

          تيسير الله… شي أربع أو خمس ساعات.

    يا أخي… والله ما فيني أتحمل كل هالوقت !!… كنت نايم .. فيقوني من النوم وفوراً لبرّه… وهلق أنا كتير محصور…. شو بدي ساوي ؟!.. مثانتي راح تطق !!

          إذا مافيك تصبر… أنا بفكلك سحاب البنطلون، وساويها هون بالسيارة.

          هيك معقول ؟!!! قدام كل هالناس؟

          إي … إي .. مافيها شي، والحمد لله مافي نسوان بيناتنا.

ثم وبصوتٍ مرتفعٍ متوجها بالحديث إلى الجميع : – يا شباب… يا شباب اسمعوني.

توجهت إليه الأنظار، شرح لهم الأمر، بعضهم همهم، وبعضهم سكت، البعض وافق، فأدار المتكلم ظهره إلى المحصور، وبيديه المقيدتين خلفاً، تلمس السحاب، فكّه، أخرجـ “ـه ” له ، وابتعد. – يا لله … ريّح حالك يا أخي .

بعدها وحتى وصولنا السجن الصحراوي تكررت هذه العملية أربع مرات، خمسة رجال آخرون تقيأوا فوق بركة البول. “القيء كله ذو لون واحد”. أما جاري، المقيدة رجلي إلى رجله، فيبدو أنه كان يعاني من تعفن الأمعاء، لفني بغلالة من روائح بطنه !  في الثامنة صباحاً وصلنا أمام السجن الصحراوي. ” في الطريق كنت أنظر كثيرا إلى ساعتي، وأكثر من شخص نصحني أن أخبأها، ولكن أين ؟… تركتها على معصمي”.

أمام السجن .  عشرات من عناصر الشرطة العسكرية، الباب صغير، تصدم العين لوحة حجرية فوق الباب مخططة بالأسود النافر :  “ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب”.

فتح لنا رجال الأمن أبواب السيارات، هم أنفسهم اللذين كانوا يعاملوننا بفظاظة وقسوة، أنزلونا من السيارات برفق مشوب بالشفقة، حتى أن أحدهم قال: ” الله يفرج عنكم ! “. وفيما بينهم كانوا يتحدثون همساً وبصوت خافت، يتحاشون النظر إلى عناصر الشرطة العسكرية الذين اصطفوا حولنا بما يشبه الدائرة، لاحظت أن لهم جميعاً نفس الوقفة تقريبا، الساقان منفرجتان قليلاً، الصدر مشدود إلى الوراء، اليد اليسرى تتكىء على الخصر، اليد اليمنى تحمل إما عصاً غليظة أو كبلاً مجدولاً من أشرطة الكهرباء أو شيئاً مطاطيا أسودَ يشبه الحزام. ” عرفت فيما بعد أنه قشاط مروحة محرك الدبابة “. ينظرون إلينا والى عناصر الأمن نظرة فوقية تحمل استخفافاً بعناصر الأمن ووعيداً مبطنا لنا. حركاتهم تدل على نفاذ الصبر من بطء إجراءات التسليم والاستلام، ينقلون ثقل جسدهم من رجل إلى رجل، يهزون يدهم اليمنى بما تحمل هزات تبرم وغيظ، لباسهم جميعا عسكري أنيق، أعلى رتبة بينهم مساعد أول، وهو الذي كان يوقع على لوائح استلامنا .

} قرأت في مكان ما أن رجال إحدى القبائل الإفريقية عندما التقوا بالإنسان الأوربي الأبيض لأول مرة نظروا إلى بعضهم البعض بدهشة، وتساءلوا: هذا الرجل، لماذا قام بسلخ وجهه ؟! {

وتخيلت أن عناصر الشرطة العسكرية، هؤلاء الذين أراهم امامي، ذوو وجوه مسلوخة، أية قوة سلخت هذه الوجوه ؟ … كيف سلخت ؟… لماذا ؟… أين ؟… لست أدري لكن ما أراه أن الوجوه البديلة لا تشبه وجوه باقي البشر، وجوه أهلنا وأصدقائنا !!… مسحة غير بشرية … هي غير مرئية، صحيح، ولكنها قطعاً  موجودة!.

– الله يعطيكم العافية … خلص انتو تيسروا، خلصت مهمتكم . هكذا قال مساعد الشرطة العسكرية للرجل ذي النظارات. كانوا قد فكوا قيودنا، السجناء غريزياً التصقوا بعضهم ببعض. ذهب رجال الأمن.بدأت ال دائرة تضيق …. صمت مطبق!!

– يا لله … صفوهم تنين تنين … دخلوهم  .  وأدخلونا من هذا الباب الصغير، وفوقنا منحوتة “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”. اثنين اثنين، في رتل طويل داخل ساحة في وسطها وعلى جنباتها بعض الأشجار والورود الريفية، وهي محاطة من جميع الجهات بغرف تشرف عليها. وقف الرتل أمام مساعد آخر، جلس خلف طاولة أخرى، ولوائح اسمية أخرى، أكثر من مائة عنصر من عناصر الشرطة العسكرية يحومون حولنا، جميع السجناء يتحاشون النظر مباشرة إلى أي عنصر. رأسنا منخفض قليلا، أكتافنا متهدلة. وقفة فيها خشوع، وقفة تصاغر وذل، كيف اتفق جميع السجناء على هذه الوضعية وكأننا تدربنا عليها سابقا؟! لست ادري.

كأن كل واحد منا يحاول الاختباء داخل ذاته !!!  حكني رأسي من القفا، وكما يفعل كل إنسان يحكه رأسه، مددت يدي عفوياً وحككت !! وسمعت صوتاً راعداً : ولك يا جماعة . شوفوا الكلب شوفوا !! عم يحك راسه كمان …!!

         شــــوووو …. ! عم يحك راسه ؟!  وسحبتني الأيدي خارج الرتل، تقاذفتني صفعاً ولكماً، لكمة تقذفني، صفعة توقفني، النار في الرقبة والوجه …. تمنيت لو أبكي قليلاً… طلبني المساعد لتسجيلي فلم يبق غيري، سجلني وأصبحت نزيلاً رسمياً في هذا السجن.

مرة أخرى قادونا، بين غرفتين باب حديدي صغير، أصغر من الباب الأول، ” لم الأبواب تصغر كلما تقدمنا ؟! ” ومن هذا الباب ولجنا إلى ساحة كبيرة، إنها الساحة الأولى، ساحة مفروشة بالإسفلت، كل الطرقات والساحات مفروشة بالإسفلت الخشن، يحيط بالساحة أبنية من طابق واحد مكتوب عليها أرقام متسلسلة : المهجع الثالث ، المهجع الرابع … المهجع السابع.

} الأبواب تصغر ولكن في الساحة الأولى فتحت جهنم أوسع أبوابها، وكنا وقودها !! {.

بهدوء ودقة أوقفونا بعضنا إلى جانب بعض، يفصل بين الواحد والآخر متران أو ثلاثة، صاح المساعد:

– هلق … كل واحد منكن يشلح كل تيابه …. حط تيابك على يمينك …. خليك بالسروال الداخلي فقط.

لاحظت أنني الوحيد الذي يلبس ” سليب ” بعد ان خلع الجميع ثيابهم ووقفوا ينتظرون،                         وانتابني إحساس بالغربة !..كان صوت المساعد في البداية هادئاً، ومع مرور الوقت أخذ يتصاعد شيئاً فشيئاً، حدةً وشدة، وكلما تصاعد صوت المساعد كنت أحس أن التوتر والعصبية يزدادان في حركات الشرطة… والخوف والهلع يزدادان في نفوس السجناء، يغضون أبصارهم وتتهدل أكتافهم أكثر فأكثر!.

اقترب مني شرطيان يحملان الكرابيج، قال أحدهم : – نزّل الكيلوت ولا …واعمل حركتين أمان!!

 أنزلت الكيلوت حتى الركبة، نظرت إلى الشرطيين مستفهماً …  اعمل حركتين أمان ولا…

          شلون يا سيدي بدي اعمل.. شلون حركتين الأمان؟

          قرفص وقوم مرتين ولا… صحيح انك جحش!

  “حركات الأمان تُعمل خشية أن يكون السجناء قد خبأوا شيئاً ممنوعاً في شرجهم!”

نظر أحد الشرطيين الى الآخر مبتسماً، وبصوت خفيض  : – العمى … شو تبعو صغير!!

نظرت اليـ”ـه”، إلى تبعي، نعم لقد كان صغيراً جداً !! حتى هو أحس بالذعر الشديد والهلع، فا ختبأ داخل كيسه، أنا لم أستطع الاختباء!

خلفي مهجع كبير كتب على بابه / المهجع 5 -6 /. تخرج من جانب الباب بالوعة “صرف صحي” على وجه الأرض، تسيل في هذه البالوعة مياه سوداء قذرة.

انتهى التفتيش. جرى بدقة محترفين، حتى ثنايا الثياب، جميع النقود والأوراق، أي شيء معدني، الأحزمة وأربطة الأحذية … جميعها صودرت، “أنا كنت حافيا”. ورغم كل هذه الدقة بالتفتيش فإن ساعة يدي مرت، لم أتعمد إخفاءها، فقط لم ينتبه لها احد، وعندما صاح المساعد : – ولا كلاب … كل واحد يحمل تيابه.

حملت ثيابي ووضعتها على يدي اليسرى، وفورا فككت الساعة ودسستها في الجيب الداخلي لسترتي، وشعور آخر بالانتصار.!

 

البلديــــــــات :  كلمة خاصة بالسجون هنا، هم جنود سجناء … الفارون من الخدمة العسكرية، الجنود الذين يرتكبون جرائم القتل، الاغتصاب، السرقة، مدمنو المخدرات… كل الجنود المجرمين، حثالة الجيش، يقضون فترة عقوبتهم في السجون العسكرية، في مثل هذا السجن، مهمتهم التنظيف وتوزيع الطعام وغيره من الأعمال… من هنا جاء اسم البلديات، هؤلاء في السجن الصحراوي لهم مهمات أخرى.

جمعونا في أحد أطراف الساحة، تكومنا ونحن نحمل ثيابنا، صوت المساعد ارتفع كثيراً، البلديات يقفون في الطرف الآخر من الساحة. كثير من البلديات، البعض منهم يحمل عصاً غليظةً مربوط بها حبل متدل يصل بين طرفيها، حبل سميك يتدلى من العصا “الفلقة”. صاح المساعد بصوت مشحون موجهاً حديثه للسجناء :

          مين فيكم ضابط ؟.. الضباط تعو لهون.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫14 تعليق

  1. بصراحه اى حد هيعلق هسرق تعليقه
    لان الموضوع طويل والخط مش واضح

  2. ( داني) ذكرتني بأيام قريبه مضت كنت أقرأ فيها أجزاء من هذا الكتاب هنا على صفحات نورت عبر رابط وضعه أحد الأصدقاء “عانيت بعدها من ألم في عيني “، ولكن هو بالفعل كتاب يستحق القراءه فهو يحوي تفاصيل دقيقه تحبس الأنفاس و تصور سلطة و جبروت نظام البعث المجرم ..
    شكراً لك داني

    1. صح كلامك يا تويتي وانا قرآتها ايضا من الرابط الذي أعتقد ان كاتب الموضوع نفسه هو من جعلنا نتطلع على القصة
      والله زعلت ياما بهالدنيي فيه مظلوميين
      الله أكبر على كل ظالم متجبر

  3. مصطفى خليفة هو ابن سوريا لم يكتب اشياء من وحي خياله بل تجربة شخصية عاشها بكل تفاصيلها المؤلمة والمهينة هي دليل قاطع يدين الالة الوحشية المسماة نظام لكل من يقول أن الصمت سابقا كان يعني ان الناس كانوا في أمان ورفاه ففي كل شبر من اوطاننا يوجد اسد ويوجد مصطفى والله وحده يعلم كم نسخة من مصطفى في الاقبية لم تجد فرصته لتخط شيئا من الحروف تعبر فيه عن تلك النهاية الماساوية لشخص افلت جسده بعد سنوات ولكنه لم ينجح بأفلات روحه .
    شكرا داني وان كنت اتمنى منك لو أكملت لنا سلسلة “قرية سورية”

  4. مصطفى خليفة
    هو الكاتب و بطل الرواية و هي السيرة الذاتية للكاتب عاش ودرس في فرنسا حيث درس الإخراج رفض عرضاً ممتازاً للزواج العمل و العيش في باريس رغبة منه في الرجوع الى الوطن لأن وطنه بحاجة اليه
    منذ نزوله ارض الوطن تتلاحق الأحداث ٠٠٠٠

  5. داني شكرا على المعلومات عن الكاتب ( أكثر ما أثر بي في الكتاب النهاية المأساويه لصديقه )
    و أتساءل تُرى
    إلى متى ؟
    إلى متى ؟ سيظل هؤلاء المجرمين يحكموا سوريا و ينشروا إجرامهم في الدول المجاوره
    اللهم فرج بنصر مؤزر من عندك للضعفاء و المظلومين في كل مكان فعليك التكلان يا أرحم الراحمين

  6. السلام للجميع وخاصة داني الي خلاني أقرأ واتطلع على قصة القوقعة وانا نقلتها بدوري لمن كان يجهلها مع ان كل السوريين بيعرفو مدى الظلم والتفرقة والعنصرية الي بيرافق دوائر التحقيق والمخابرات بس بدي اشكرك انك فرحتني يا داني بخبر ان الكاتب تزوج وهل رزق بأطفال ياترى
    لأن نهاية القصة تقول انه وقع تحت عذاب نفسي وانعزال تام تقريبا
    واوصل له لو استعطت سلامي من سورية قلمونية أحبت فيه صبره

    1. سلام ورود
      وجدت لقاء مطول مع الكاتب مصطفى خليفه عرفت من خلاله ان عنده بنتين وان زوجته هي سحر البني ” شقيقة الناشطين السياسيين أكرم وأنور البني” رح احاول وضع الرابط على أمل انو نورت تنشره

  7. احبائي تويتي و ورود خليفة مجرد رقم من مأت الارقام كتبها النظام بحروف من دم و ظلم ..مصطفى ابن سوريا بكل اديانها و قومياتها ابن الكنائس و المساجد كلمة الحق هي كلمة الله جل جلاله..الانسان السوري مضلوم من عشرات السنين ..تحول من انسان حر مرفه متطور بالستينات الى هيكل هزيل خائف فقير يتراكض بين دول الجوار ليحصد لقمة عيشه ..النظام قسم المجتمع من 50 سنة ..من الابتدائي من طلائع البعث المقيت..يا معنا يا ضدنا ..و الله كرهنا كلمة وطن من شكولهم…عندما بدأت احداث تونس و مصر سألني بعض الاصدقاء العرب ..شو رئيك الدور عليكم؟..اجبت سيكون الدم للركب ..قالوا لا هي مبارك و بن علي ب 200 ـ300شهيد شمعوا الخيط ..قلت لهم انتوا لا تعرفوا من يحكمنا..شكولم شكول بشر و لكن فيهم سحنة ليست من بني البشر ..و هاي الحولة اكدت هالشي..مستحيل يكون في اقسى من ضربة الجبان لانه فيها خوف و حقد و نذالة..اللي عاشرهم يعرف من اي طينة هم.

  8. شكراً داني .. أكيد هذا واحد من مأت الآلاف السوريين و اللبنانيين اللذين طالتهم يد ضباط النظام الأسدي و مخابراتهم الجبناء

  9. شكرا داني على المعلومات المفرحة عن مصطفى خليفة كنت كلما مر على ذاكرتي شيء اتساءل ترى ماذا أصابه بعد ذلك .من الجميل أنه استطاع ان يدخل جزءا من البهجة الى روحه فتزوج وأنجب
    وبخصوص “قرية سورية ” نحن في الانتظار .

  10. اطول كتابة موضوع .. قراءتي صعبه وبطيئه
    انشاء الله اليوم ابدي بالقراءه وبوكرا يطلع عندي الجواب ..
    ..

  11. هذا هو النظام فالذين يسعون لاسقاطه عليهم أخذ كل هذه السلبيات بالاعتبار والا خسروا أنفسهم
    و ربما أهليهم ايضا وكما قالوا بالمثل : لايفل الحديد الا الحديد0
    * هذه الحكاية كنت قد سمعت مثلها منذ 15 عاما لسوري حضر عرسا في لبنان0تم التعرض خلاله للنظام0 وقد تكون الحكاية واحدة ولكن تغير المنطلق الجغرافي لها من لبنان الى فرنسا0

  12. للأسف أنا أبي داق نفس طعم اللي دائو مصطفى خليفة و تهمته كانت تشابه أسماء ل شخص إسمه نفس أسم والدي وتهمته إنه سب ظابط بالمخابرات الله ينتقم من بشار ويغمق لأبوه المقبور تفووو على هيك نظام كلب.

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *