بقلم أحمد مصطفى الغـر

صحيح.. أنه لا شماتة فى الموت، لكن حتى وبمجرد أن انتشر خبر وفاة العقيد معمر القذافى فإذا بالنكات والسخرية عن القذافى تعود إلى صفحات ومجموعات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى بسرعة البرق، كانت آخرها حتى كتابة هذه السطور ذاك التصريح المصطنع على لسان القذافى الذى يقول فيه: “خبر مقتلى صحيح، لكنى أؤكد لكم انى بخير وبصحة جيدة”.

لكن إذا كانت تلك المقولة الساخرة مصطنعة فمقولات القذافى الحقيقية لا تقل سخرية عنها، هذا بخلاف ملابسه وهيئته العامة التى تجلب السخرية حتى دون أن ينطق بأى كلمة أو يصوب تصريحاً طائشاً يصيب به العلاقات بين ليبيا وأى دولة أخرى بالموت أو على الأقل التوتر، هو قائد ثورة.

أرادها أن تستمر 42 عاما، وإذا كانت ثورته فى بدايتها قامت للتخلص من الملكية وإرساء نظام جمهورى ديموقراطى حقيقى فى ظل نهضة عربية قديمة كانت أشبه بثورات الربيع العربى الحالى، لكن حتى بعد أن حققت الثورة هدفها، أراد القذافى لها أن تبقى مستمرة ويظل هو قائدها.

ولا نعرف على أى شئ كان ” يثور” خلال كل تلك العقود الماضية، خصوصا وأن الأحوال لم تتغير للأحسن ولم تنهض ليبيا النفطية لتصل إلى المستوى الذى هى عليه دول الخليج النفطية مثلا، فبقيت “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى” بلا حراك إلى الأمام، لم يكن الاسم الذى أعطاه العقيد لجماهيريته سوى مجموعة من الكلمات تشبه الى حد ما ألقابه الكثيرة والمتعددة.

فبخلاف كونه “قائد الثورة”، فهو “ملك ملوك افريقيا”، “عميد الحكام العرب”، “إمام المسلمين”، “الفاتح العظيم”، “المفكر الأممى”، “صاحب النظرية الثالثة “، “صاحب الكتاب الأخضر”، “قائد الطوارق”، “رئيس تجمع دول الساحل والصحراء”، وألقاب أخرى كثيرة قد يصعب الإلمام بها كلها.

لم يسلم القذافى ــ كغيره من طغاة الحكم والسلطة ــ من تهكم أهل المواقع الإليكترونية وسخريتهم، كما انه إمتاز بأن حققت بعض ألفاظه وكلماته شهرة طاغية تفوق طغيانه فى الاستبداد، فمن منا لا يعرف “زنقة.. زنقة”.

إمتاز القذافى بأنه حقق إنفردات لم يحققه سابقين له فى الحكم، سواء من كونه أحد أطول الحكام على كرسى الحكم، أو أنه ـ خلال أحداث الثورة الليبية ــ كان له أطول وأقصر خطابين طوال الربيع العربى، أو أنه صاحب التفسيرات الغربية لمصطلحات وكلمات مثل: “الديموقراطية”، “الهمبورجر”، و فى رأيه فإن كتابه الأخضر لا يقل عن بشارة عيسى وألواح موسى، خيمته لا تفارقه وكذلك حارساته.

وإن كان الزعيم الشرقى المسلم رفض مصافحة وزيرة الخارجية الامريكية فى أحد اللقاءات فهو لا يجد أى حرج فى أن تحرسه النساء، فربما هو لا يصافحهن!، أبناء العقيد لم يكونوا أقل ضررا منه سواء للبلاد او للعباد، وليبيا لم تسلم منهم ومن شرهم، حتى دولا أخرى مثل: سويسرا مثلا كان لها نصيباً من جنون وشرور القذافى وأبناؤه.

لم تكن ليبيا تعرف الديموقراطية فى عهده، رغم الإدعاء الرسمى السائد بأن الحكم بيد الجماهير، لأن ببساطة لم تكن الجماهير تجد من يعبر عنها بالأساس، فوسائل الاعلام الرسمية لا تتحدث إلا عن القائد، واليافطات فى الشوارع تعج بكلمات القائد المقتبسة من خطاباته، الصحف لا ترصد سوى تحركات القائد، ومقالات الرأى لا تحلل سوى سياسات القائد، لا يمثل ليبيا فى الخارج سوى القائد، ولا بطل فى ليبيا سوى القائد.

هكذا كانت ليبيا طيلة 42 عاما، كل شئ هو من ابتكار وإبداع القائد.. البطل.. الأب / معمر!، وكأن الجماهير قد عقرت فلم تنجب أى ليبى يمكنه أن يصنع شئ أو يقدم جديداً، ربما لأن القائد وأبناؤه لم يتركوا شيئا إلا وفعلوه!.

باختصار وحتى لا يكون العنوان بعيدا عن المضمون: لا شئ يدعو للأسف على موت العقيد، ولا داعى للحزن عليه أو على أبناؤه، فموت شخص مستبد أفضل بكثير من موت وطن بأكمله تحت براثن الاستبداد!.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. هو السبب بكل اللي جراله يا اخ مصطفى ,,,كان مجموعه من تصرفات ,,مجنون على داء العظمه يصعب على اي محلل تحليلها,,,حتى الحكام العرب بكل مجالسه كان كركوز بينهم وهم السبب بمساعدته ,,,عنجد عالم مجنون كيف ضل كل هالمدة بالحكم ,,,!

  2. ذهب القذافى غير ماسوف عليه..لكن الثوار نسوا ان الميت له حرمته والضرب فى الميت حرام ..ايه المشكله لو كانوا خدوه وحاكموه؟؟؟
    وينفع ان تتحول جثته الى مزار سياحى يلتقطون الصور التذكاريه بجانبها؟؟؟!!
    هناك مقوله تقول:
    عندما وجد المصريون ان زين العابدين هرب حبسوا مبارك ولما وجد الليبيين ان محاكمة مبارك مسرحيه هزليه قتلوا القذافى !!!
    عبرة لمن يعتبر

  3. الين المظاهر خداعة ! بلكي كان يخفي ورى هالجنون امور ؟ ع كل حال رغم جنونه الا انه من القلائل على مر التاريخ الي وقفوا بوجه امريكا و انتقدوا حكام الخليج العملا نمبر وان … شوفي موقفه من الي صار بالعراق ! و الي انعمل لصدام بهديك السنة … عم بحكي عن طريقة تصفيته الي كانت فيها اهانة للمسلمين اجمعين .
    من غيره وقف و قال لا يجوز ؟! رغم كل اخطاؤه الا ان جنونه هاد كان اله مبررات و معاني .
    ضحكنا عليه لما راح ع ايطاليا و هو معلق صورة عمر المختار بنص صدره و قلنا انه مجنون بس عالاقل بفكرة مجنونة وصل لهم انه المختار باراضيكم بوجوده في صدورنا

    يعني جنانه هاد و الله محتاجينه شوي … و هو بنسميه عنا * النية فالهبال * يعني استهبال مقصود مو جنان !

  4. * أشكرك imene1114 ، على اختلافك اللطيف معى فى الرأى ، بتلك الكلمات البسيطة و المعبرة جدا رغم قلة أحرفها : ) ، لكنى فقط أعتقد أن رأيى هو نفسه (الى حد كبير) نفس الرأى الغالب والمسيطر فى الوطن العربى بأجمعه ..بل والعالم ، وبالتأكيد فى ليبيا.. صاحبة الشأن !

    * كلامك مظبوط .. ألين
    ……………
    ** أكرر هذا الجزء .. لأنى بعد ما كتبت المقال و راجعته ،، قرأته أكثر من مرة :

    لم تكن ليبيا تعرف الديموقراطية فى عهد القذافى ، رغم الإدعاء الرسمى السائد بأن الحكم بيد الجماهير، لأن ببساطة لم تكن الجماهير تجد من يعبر عنها بالأساس ، فوسائل الاعلام الرسمية لا تتحدث الا عن القائد ، واليافطات فى الشوارع تعج بكلمات القائد المقتبسة من خطاباته ، الصحف لا ترصد سوى تحركات القائد ، و مقالات الرأى لا تحلل سوى سياسات القائد ، لا يمثل ليبيا فى الخارج سوى القائد ، ولا بطل فى ليبيا إلا القائد … هكذا كانت ليبيا طيلة 42 عاما ، كل شئ هو من إبتكار و إبداع البطل .. الأب … القائد

    تقبلوا تحياتى …

  5. باختصار وحتى لا يكون العنوان بعيدا عن المضمون: لا شئ يدعو للأسف على موت العقيد، ولا داعى للحزن عليه أو على أبناؤه، فموت شخص مستبد أفضل بكثير من موت وطن بأكمله تحت براثن الاستبداد!.
    …………………………………………
    كلام صواب لاغبار عليه ..والعاقبة عند باقي الحكام الطغاة.. وكل الشكر للاخ على المقالات التي تستحق ان تقرأ..وتحياتي لك !!

  6. اخي مصطفى
    اشعر انه بكير الكلام عن ما هو افضل لليبيين
    شكراً للمقالة

  7. حتى لا يتكرر الخلط بين الاصدقاء وبعضهم .. نتيجة تشابه بعض الاسماء

    ** نسيت أن أكتب فى خانة (نطاق) كاتب المقال اسمى بهذه الصورة : (( أحمد الغــر )) .. فحسب ، منعا للخلط بينى وبين الصديق : مصطفى العراقى ، صديق نورت العزيز

  8. أخ أحمد،هذا هو الفرق بين من يستطيع ان يعبر عن افكاره بالكلمات،ومن لا يستطيع،لقد عبرت عما اعتقده تماماً تجاه هذا الأمر،وجزاك الله خيرا علي كل مواضيعك القيمه.

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *