“الخروج عن النص” جملة كانت تمثل جريمة عندما يكتبها الرقيب في تقريره عن عمل فني أو مسرحي لنجوم وفناني مصر، وكانت كافية وقتها لوقف عرض العمل تماماً وملاحقة أبطاله جنائيا وقضائيا والزج بهم في السجن.

الفنانان المصريان الكبيران والراحلان سعيد صالح وسيد زيان اشتهروا بالخروج عن النص وتقديم إسقاطات سياسية على النظام الحاكم وانتقاد المشكلات السياسية والاجتماعية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، بل إن إحداها كانت سببا في دخول سعيد صالح السجن عقب إسقاطه الشهير في مسرحية “كلام حبيبي” عام 1983 على رؤساء مصر السابقين.

ولم يقتصر الأمر على زيان وصالح بل دخل المعترك نفسه عادل إمام وكان خروجه عن النص متمثلا في السخرية من زملائه مثلما حدث في مسرحية” الواد سيد الشغال” حيث سخر من الفنان عمر الحريري وزميله الفنان مصطفى متولي لكنه قدم اسقاطات سياسية كبيرة في مسرحية الزعيم، طالت رؤساء وزعماء عربا، مثل القذافي وصدام حسين.

في مسرحيته الشهيرة كعبلون كان خروج سعيد صالح عن النص كثيرا وفوجئ زملاؤه في المسرحية بذلك ومنهم من شاركه الخروج، بعدما نال ذلك اعجاب الجمهور ومن قبله كانت مسرحيته “عالم بتاع فلوس”، أما في مسرحية “العيال كبرت” فخرج صالح كثيرا وفي عدة مشاهد عن النص، منها عندما قال تعليقا على عمل شقيقته كراقصة “مش احنا في عصر الانفتاح ولا ايه”، انتقادا منه لسياسات الانفتاح الاقتصادي، كما خرج يونس شلبي عن النص في نفس المسرحية أيضا عندما قال “كلهم بيهزوا دماغهم”، في إشارة لنواب البرلمان المصري الذين يهزون رؤوسهم بالموافقة على قرارات الحكومة.

الخروج عن النص كان سببا في عدم تأدية الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي لدوره في مسرحية “مدرسة المشاغبين” فقد كان هو من يقوم بدور الناظر بدلا من الفنان حسن مصطفى، ولكن لخروج عادل امام وسعيد صالح كثيرا عن النص اعتذر مدبولي عن الدور، فيما اعتذرت الفنانة سميرة أحمد عن دور المدرسة وقيل وقتها إنه بسبب طلبها لأجر كبير وخروج إمام وصالح عن النص ورشح بدلا منها الفنانة سهير البابلي .

تكرر الأمر ذاته في مسرحية “ريا وسكينة”، حيث اعتذر الفنان حمدي أحمد عن دور عبد العال الذي ذهب لأحمد بدير، وقال حمدي وقتها في لقاء له مع الفنانة صفاء أبو السعود إن سبب اعتذاره يرجع لخروج الفنان عبدالمنعم مدبولي عن النص.

في تلك المسرحية كان مشهد أحمد بدير وهو يتناول الطعام صبيحة زفافه على الفنانة سهير البابلي به خروج كثير عن النص اعترفت به الفنانة الكبيرة خلال عرض المسرحية وامام المشاهدين.

في السبعينيات كان الخروج عن النص قليلا وغير مؤثر ولا يتعرض للنظام السياسي الحاكم، لكن مع بداية الثمانينيات شهدت مسارح مصر مساحة كبيرة من الخروج عن النص، القليل منها تمت مواجهته قضائيا مثل مع ما حدث مع سعيد صالح، والآخر تمت مواجهته رقابيا مثلما حدث في مسرحية “العيال كبرت”، والكثير تم عرضه بدون حذف تماشيا مع توسيع هامش ومساحة الحريات التي تعهد بها نظام مبارك.

في مسرحيته الفهلوي خرج الفنان سيد زيان عن النص كثيرا وقدم اسقاطات سياسية نالت من النظام والحزب الحاكم في مصر وقتها وهو الحزب الوطني، كما انتقد أداء وكلمات أغاني المطربين فايزة أحمد وأحمد عدوية ومحمد عبد المطلب ومحرم فؤاد وعماد عبد الحليم.

سمير غانم خرج عن النص في مسرحياته “جحا يحكم المدينة” و”فارس وبني خيبان” و”أخويا هايص وأنا لايص”، وفي مسرحية دوي رمي فاصوليا قدم غانم مشاهد كثيرة خارجة عن النص مع المطرب شعبان عبد الرحيم، قال فيما بعد إنها تمت بالاتفاق مع شعبولا بعد إعجاب الجمهور بها ونجاحها في انتزاع ضحكاته.

الفنان طلعت زكريا في نفس المسرحية تعرض لموقف محرج عندما فوجئ أن “شعبولا” لا يحفظ دوره ولا يستطيع سماع الملقن، وعندما لاحظ أن الجمهور ينفجر من الضحك على المشهد الذي كان مفاجئا وارتجاليا تمت اضافته للمسرحية بعد ذلك.

عندما قدم الفنان محمد صبحي مسرحيته “ماما أميركا”، وهي ذات طابع سياسي لم يخرج عن النص لكن مشهدا له في المسرحية جعل الجميع يعتقد أن المسرحية ستتوقف، وأن صبحي قد يزج به في السجن، فقد أجاب صبحي في المشهد على أسئلة أبنائه بتقليد صوت وتعبيرات الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبعبارات مليئة بالإسقاطات السياسية، وعندما وصل الأمر لمبارك لم يغضب وأضيف المشهد للمسرحية رغم أنه لم يكن في النص المكتوب.

صبحي سخر من بعض الأنظمة الحاكمة في مسرحيته “تخاريف” وخرج عن النص في مسرحية” الهمجي” عندما تناول الأوضاع الاجتماعية في مصر بإسقاطات مباشرة.

الفنان محمد نجم خرج عن النص في مسرحية “الخوافين” في مشهد يجمعه بالفنان مجدي وهبة، حيث بدأ نجم يتحدث مع “الملقن” الذي يتواجد على خشبة المسرح ليلقن الفنانين نص السيناريو وقام بالسخرية من وظيفته ومن شكله، ثم زاد وقام برفع الغطاء الخشبي عنه ليظهره، ويعقب نجم قائلاً: “لحسن يكون عبد الحليم حافظ وإحنا مخبيينه”.

بالطبع لا ينسي الجمهور مسرحية “عش المجانين” لمحمد نجم ومشهد “شفيق يا راجل”، فقد كان الحوار الذي حفظه الجمهور عن ظهر قلب به الكثير من الخروج عن النص.

أحمدا آدم أيضا من الفنانين الذين يخرجون عن النص كثيرا، ففي مسرحية عطية الإرهابية مع الفنانة سهير البابلي قدم آدم دور سيدة وسخر من شكله ومناطق بجسده كما سخر من أحد المشاهدين بطريقة كوميدية جعلت الفنانة سهير البابلي تنفجر من الضحك.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *