بغداد ـ كوكب السياب:
أفرزت الساحة الغنائية العراقية مجموعة مميزة من الأصوات الغنائية النسائية التي قدّمت للأغنية العراقية طعماً خاصاً ومذاقاً متميزاً من خلال الأغنيات الجميلة التي طبعت بصماتها في وجدان الذائقة الأصيلة.

سليمة مراد وزهور حسين ومائدة نزهت وسيتا هوكبيان وغيرهن الكثير من المطربات اللواتي لا يتسع المجال لذكرهن كنّ قد قدمنَ أصالة الفن والغناء بمذاق خاص، وكان لهنّ جمهور عريض من كلا الجنسين، يتابع اعمالهن ويستمتع بسماع تلك الأصوات الرنانة التي تسيل حلاوة وعذوبة كما دجلة والفرات.

ولم تتوقف عجلة الأصوات النسائية منذ ستينات القرن الماضي مروراً بالسبعينيات وصولاً إلى الثمانينيات ، الى أن توقفت هذه العجلة في العقد التسعيني، إذ اختفت العديد من الأسماء ولم تعد الساحة ولادة بأسماء جدد نتيجة انحدار الذائقة وبعض الاسباب الأخرى التي لا تخفى على الجميع .

وبعد التغيير الذي حصل في العراق، والانفتاح على العالم، أفرزت بعض برامج التلفزيون العربية التي تهتم باكتشاف الاصوات والمواهب الشبابية ، افرزت عدداً من الصوات الواعدة التي صنعت في فترة قياسية قاعدة جماهيرية مميزة واستطاعت تقديم عدداً من الاعمال الغنائية الجيدة، ولو أردنا ذكر البعض من هذه الاسماء فنذكر مثلاً المطربة شذى حسون و المطربة رحمة رياض والمطربة بيدر البصري وغيرهن الكثير. في هذا التقرير سنسلط الضوء على هذه الاصوات النسائية التي تنحدر من عائلات فنية والتي تعمل على أن تكمل سلسلة النجاحات التي حققتها تلك العائلات في سنين مضت :

رحمة رياض أحمد

رحمة رياض أحمد من الأصوات النسائية الشابة التي يُنتظر منها المزيد من التألق، فبعد حصولها على المرتبة الثانية في برنامج (ستار أكاديمي) وذلك في موسمه قبل السابق بدت تظهر بشكل اوسع للناس، إذ واصلت طريقها نحو ما تصبو اليه وهي الآن من الاصوات النسائية المعروفة في الوسط الغنائي العراقي والعربي، وهي ابنة الفنان الكبير الراحل رياض أحمد الذي قدّم للأغنية العراقية لوناً غنائياً رائعاً مازال الكثير من المتذوقين متمسك بالاستمتاع بحزنه وشجنه ولوعة مواويله الجنوبية.

رحمة التي تقيم منذ صغر سنها في العاصمة الاردنية عمّان لم تكن مغنيةً قبل وفاة والدها، لأنها كانت صغيرة حينذاك ، لكنّ والدتها اكتشفت حلاوة صوتها وجماليته قبل بلوغها العاشرة من العمر، وفي حوار صحفي معها تقول رحمة: “والدي كان فناناً مشهوراً وفي طفولتي لم أكن أعرف وأستوعب تلك الشهرة التي حققها، لكن عندما كنت أسير في الشارع، أجد الناس ترحب بي وتسلم عليّ وتذكرني بأبي الذي عرفت مكانته ولكن بعد غيابه، مع الأسف، أني أحببت الفن وغنيت بعد وفاة والدي، وكنت أتمنى أن أكبر معه وأتعلم على يديه”.

واستطاعت رحمة رياض، في فترة قياسية، أن تصنع لها قاعدة جماهيرية كبيرة في الخليج وبقية بقاع الوطن العربي وهي تسعى لأن تزيد من شهرتها لتصل الى ما وصلنَ إليه بقية المطربات المشهورات، في جعبة رحمة اعمال غنائية كثيرة نالت اهتمام المعجبين بصوتها منها “الا اكللهم” التي صورتها في لبنان و”خلصنا” و “القلوب الساهية” و”احكم علي بالعجل” و”ابو زلف” وغيرها الكثير من الاغاني.

رحمة رياض تستعد لاطلاق البومها الجديد الذي سيضمّ بين ثماني وتسع أغنيات تجمع بين اللهجتين العراقية والخليجية، وقد تعاونت فيه مع كبار الشعراء والملّحنين العراقيين والخليجيين، وكانت قد طرحت قبل ايام ألبومها الجديد “الله كريم وياهم”.

بيدر البصري

نخلة عراقية شامخة غرست بأيادٍ فنية عراقية في أرض المنفى لتكون ثمرة جهد والديها الفنانين الملحن الكبير حميد البصري الذي اغنى الوسط الغنائي بعدد من الالحان المميزة والمطربة شوقية العطار التي لا يزال متذوقوا الغناء يتذكرون صوتها الجميل الذي يصدع حباً وجمالا وحلاوة وعذوبة. والداها اللذان يهيآن لفنانة تحمل اسم وطنها في أوروبا والعالم، بيدر البصري اسم قادم نحو اللمعان والنجومية.

قدمت بيدر سنة 2003 مع الفرقة السمفونية الهولندية (متروبول اوركسترا العالمية) كما قدمت كونسرت السنة الجديدة 2002 مع اوركسترا الهوائيات الهولندية وعرض موسيقى غنائي (طقوس الحضارات القديمة) الذي قدم في لاهاي ورتردام وعمل موسيقى امام البرلمان الهولندي سنة 2007 فضلا عن العمل المسرحي الهولندي لرفيوس واوريديس مع الممثل الهولندي (نيلز براندان) قدم اكثر من عشر مرات سنة 2011.

كما غنّت في افتتاح متحف (هيومان هاوس) في لاهاي بهولندا الذي افتتحته الاميرة ماري غريت اميرة هولندا والشقيقة الصغرى لملكة هولندا (بياتريكس) وعدد من كبار السياسيين في هولندا ويعد اهم مشاركاتها تقديم العمل المسرحي الغنائي الكبير والذي اشترك به افضل (91) موسيقي ومسرحي ومغني في هولندا فضلا عن الكثير من الحفلات التي احيتها في عدد من دول اوروبا والوطن العربي ، وأحيت مؤخرا حفلاً بهيجاً على قاعة نادي الصيد في بغداد في زيارة اولى لبلدها.

قد تختلف بيدر البصري عن المغنيات الأخريات؛ لانها اهتمت بمجال الغناء الاوبرالي المنعدم، نوعاً ما، في العراق وفي الوطن العربي على وجه العموم. ذات مرة سألتها عن سبب اهتمامها بالتراث على وجه الخصوص فكان جوابها لي: التراث يعني الأصالة والجذور التي نضيع أن ابتعدنا عنها، لكننا، لابد من تقديمه بإطار فني معاصر يتلاءم والزمن الذي نعيشه.

بيدر تهتم كثيراً وتستمتع بالاستماع الى اصوات محمد عبد الوهاب وفيروز ووديع الصافي عربياً ، وسليمة مراد وقحطان العطار ورضا علي على الصعيد المحلي.

ورود الخفاف

ورود هي الأخرى التي تنتمي الى عائلة تغوص في عالم الفن، والدها الملحن والموسيقار الكبير جعفر الخفاف صاحب الألحان المميزة التي غناها خيرة المطربين في العراق، وامها المطربة بلقيس فالح او كما اطلقت على نفسها اسم (عشتار) وهذه العشتار صاحبة الصوت الرخيم ذو الرنة الحزينة الحنونة كانت قد شقّت طريقها في سبعينيات القرن الماضي، الا انها اختفت من الوسط الفني مطلع الحرب العراقية – الايرانية لاسباب مجهولة.

ورود الخفاف تبلغ من العمر عشرين عاماً، تأثرت بأصوات ماجد المهندس واسماء المنور، كانت قد شاركت في برنامج نجوم الخليج عام 2007 وهي واحدة من نجومه الذين اشتهروا في الساحة الفنية.

غنت ورود عددا من الاغاني التي نالت اعجاب المتابعين من هذه الاغاني ” احاول” و”سر الفرح” و “يا منيتي” و”مسامحك” التي تعد من اجمل اغنياتها ، وعددا من الاغاني الاخرى.

ورود في بداية طريقها الفني ، وهي أقل شهرة من رحمة وبيدر ، لكنها تستطيع ان تحقق شهرة واسعة لأنها تمتلك الموهبة المتمثلة بالصوت الدافئ ،كذلك فهي تستطيع ان تستعين بخبرة ابيها والاستعانة بألحانه المميزة التي ستعيدها الى الاغنية العراقية الاصيلة التي كان جعفر الخفاف واحداً من فرسانها في العقود التي مضت بعد تقديمه عدداً من الاغاني الجميلة التي لحنها للمطربين الشباب انذاك، منهم رياض أحمد الذي كانت له رحلة فنية مميزة مع الفنان جعفر الخفاف وشكل معه ثنائياً رهيباً من خلال تقديمه بعدد من الاغنيات المميزة منها “مرة ومرة” و “عرفت روحي انه” و “مجرد كل ام” وغيرها من الأغنيات.

وبإمكان ورود أيضاً أن تخلقُ لوناً غنائياً يناسبها كما فعلنَ بقية المطربات لأن صوتها، كما ذكرنا، يعطيها حافزاً كبيراً للنجاح والبروز للجمهور في فترة قياسية رغم أنها في بداية مشوارها الفني، وهي الآن تستعد لإطلاق مجموعة اغنيات ستعرّف بلونها وفنها وجمال صوتها، وحسن اختيارها أيضاً.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫5 تعليقات

  1. من احب المغنيات العراقيات عندي هي وحيدة خليل واغانيها الجميلة وصوتها الرائع ..
    كنت صغيرة وكنت اشعر بالطرب عندما كنت اسمعها .

  2. بالتوفيق للعراقية رحمة رياض ابنت الفنان الراحل رياض احمد الله يرحمه

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *