يخرج عثمان باري من عمله كالمعتاد، يأخذ سيارته وينطلق بها باتجاه المنزل، ينظر ومن وقت لآخر إلى ساعته وكأنه تأخر عن موعد يلاحقه، يرن هاتفة فينظر إليه منزعجا من حركة المرور التي تعطل عودته للمنزل. فور وصوله يفتح برنامج “سكايب” عبر جهازه المحمول ويثبت الكاميرا، فيجد زوجته على الشاشة تنتظره وهي مبتسمة.
تلك كانت حلقة واحدة، من مسلسل لآلاف الحلقات والقصص الماثلة، أبطالها أزواج يقيمون بالسعودية بعيدا عن زوجاتهم، حيث يلتقون بهم عبر الإنترنت، في مواعيد يومية محددة، بعد أن أصبحت برامج التواصل الالكترونية كاسكايب أو المسانجر بوصفها الأرخص سعرا والأكثر توافرا، هي عش الزوجية التي تجمع هؤلاء الأزواج، بعد أن بات البعد عن زوجاتهم أمرا واقعا على الكثيرين منهم.

إلكترونيا
زواج إلكتروني
ويقول عثمان باري، إن كثيرا من زملائه الذين يقيمون في بلد وزوجاتهم في بلد آخر، أصبحت وسائل الاتصال المختلفة هي السبيل لاطلاع كل منهما على أحوال الآخر، وتحقيق مزيد من المودة بينهما، مشيرا في حديثه لـ (العربية.نت) إلى أن الاغتراب أصبح أمرا واقعا على الكثيرين من الذين تركوا حياة زوجية بحاجة إلى مزيد من التآلف بين طرفيها، وأمام هذه الحاجة تتطوع الإنترنت بأداء خدمة الاتصال بين الزوجين.
ويحتار فتحي عبد الجليل، مقيم مصري، في تقييمه لوضعه الاجتماعي قائلا لــ (العربية.نت) “من ناحية أشعر أنني لم أتزوج بعد! لأنني لا أعيش الحياة الزوجية الطبيعية إلا شهرا واحدا في السنة، ومن ناحية أخرى أشعر بعكس ذالك باعتبار أن زوجتي متواجدة معي يوميا عبر الإنترنت، لكن فتحي لا يتردد في الاعتراف بكونه غير مرتاح لوضعه الحالي، قائلا: “الابتعاد حرمني الإحساس بالزواج كأسلوب حياة”.
أما عادل صالح الوافد من الأردن فيسرد تجربته لـ (العربية.نت) قائلا: “قبل الزواج كنت أتواصل مع خطيبتي بالانترنت، وبعد الزواج وضعي لم يختلف، فالتعامل مع زوجتي لازال إليكترونيا، لأنها ليست مقيمة معي” غير أن عادل يحاول إيجاد بعض الإيجابيات في حالته، مشيرا إلى أن عدم كونه زوجا بالشكل التقليدي يساعده على تحقيق مزيد من النجاح في العمل، وأضاف “أنا لست ذا ارتباطات كغيري من المتزوجين، وهذا ما يساعدني على تفريغ جل وقتي للعمل، مما يحقق لي مستوى ماديا أفضل”.
بديل مؤقت
إلى ذلك، اعتبر الاستشاري الأسري، الدكتور عوض مرضاح، أن الإنترنت لا يمكنه تعويض البعد المكانى بين الزوجين، ففي رأيه أن ما يوصله التواصل الالكتروني من مشاعر وشوق غير كاف ليحقق معنى العشرة الزوجية الذي نتزوج من أجلها، غير أن مرضاح استدرك قائلا في حديثه لـ (العربية.نت) “قد يكون الإنترنت بديلا مناسبا ومؤقتا للتخفيف من معاناة التباعد، ومقويا للمحبة والشوق والمودة، حيث إنه يتيح للزوجين إشباع نظر وسمع كل منهما للآخر”.
وبين مرضاح أنه في حالة وجود أبناء، فإن التواصل الإلكتروني يصبح أكثر إلزاما وإلحاحا، إذ إنه يشعر الأبناء بوجود الأب معهم بشكل يومي، وأضاف “رغم ان تعايش الزوجين عبر الإنترنت هو وضع غير صحي، ويمس الإحساس بالسكن والمودة ،غير أنه ضروري للأب، لأنه يمكّنه من تقدم التوجيهات والإرشادات للأبناء، سيما وأن التربية مسؤولية مشتركة بين الزوجين تقتضي التواصل الدائم”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫3 تعليقات

  1. أمر عادي كثير ازواج متغربين على لقمه العيش و الحمد الله انه في تكنولجيا و برامج مجانيه لهذا الغرض الله يجمع شمل المتغربين مع أهاليهم

  2. والله انا حزينه ..
    لاني اعرف لو ان هناك خيار اخر لما انتهو الى ان تكون علاقات الحب و صلة الرحم بهذه الطريقه .. لكن قال تعالى ” لقد خلقنا الانسان في كبد “

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *