لم يعد مستغربا أن نرى أسرة مبتلاة بأكثر من طفل معاق، ومع ذلك تصبر وتحتسب، أما أن تصبر على تربية خمسة أطفال مصابين جميعا بالشلل الدماغي الكامل، ويعجزون عن قضاء أبسط حوائجهم، فهذا بالفعل أمر لافت.

السيدة الفلسطينية نجوى حرز الله المقيمة في قرية “يعبد” شمال الضفة الغربية رزقت بالفعل بخمسة أطفال، جميعهم مصابون بالشلل الدماغي، ورغم ذلك فإنها تعيش صابرة على هذا البلاء، مؤملة أن يكونوا شفعاء لها يوم القيامة.

وتروي نجوى مشوار حياتها بالقول: “إن علامات المرض تظهر عند أولادي منذ سن مبكرة. فعندما يصل أحدهم عمر 6 سنوات تصبح لديه صعوبة في النطق، وحركة كثيرة لا إرادية، وبعدها بسنتين أو ثلاث يصابون بضمور العضلات ويفقدون بعدها قدرتهم على السير والحديث وخدمة أنفسهم؛ سواء بالأكل أو الشرب أو قضاء الحاجة”.

الابن الأكبر يوسف “21 عاما” واصل تعليمه حتى الصف الثاني الابتدائي، ولكن ما أن ظهرت عليه علامات الإعاقة حتى رفضته المدرسة، الأمر الذي دفع نجوى إلى إرساله لمركز يعتني بالمعاقين، وبقي هناك عدة سنوات؛ إلا أن حالته تطورت حيث أصيب مؤخرا بالعشا الليلي، الأمر الذي أقعده نهائيا عن الحركة.

أما أنوار “17 عاما”، فعلى ذات الخط سارت، فما إن وصلت للصف الثاني الابتدائي حتى ظهرت عليها ذات العلامات، ودخلت رغم عنها قفص الإعاقة.

مفاجأة

وبعد إنجاب الطفلين يوسف وأنوار، قررت نجوى وزوجها جمال عدم الإنجاب قبل إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ومعرفة السبب وراء ما حدث لطفليهما.

وبالفعل أجريا فحوصات شاملة بحثا عن العلة التي أصابت الطفلين، وكانت المفاجأة أن التحاليل أثبتت أنهما لا يعانيان من أي مشكلة صحية أو وراثية تؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض، وحينها نصحهما الأطباء بالإنجاب من جديد.

وطيلة الحمل الجديد ظلت الأم تتردد على المختصين وتراقب وضع الجنين، حتى جاءت الابنة “ميمي” إلى الدنيا والتي تبلغ اليوم العاشرة من عمرها.

ولأن الأم جربت كل الطرق مع أبنائها سابقا ولم تفلح؛ فقد نصحها البعض بعدم إرضاع المولودة الجديدة “عل السبب يكون في حليبها”، فاستجابت لنصيحتهم.

وما أن بلغت الرضيعة تسعة أشهر إلا وأودعتها في حضانة مختصة بالأطفال حتى لا تكتسب من أشقائها أي تصرفات، حتى وصل بها الأمر إلى العمل في ذات الحضانة حتى تكون قريبة من “أملها الوحيد” كما وصفته.

بدأت ميمي تكبر شيئا فشيئا، وتظهر عليها علامات الذكاء، وتميزت بين أقرانها، وباتت تشارك في الحفلات المدرسية وتحفظ كافة الأناشيد عن ظهر قلب، وتمسك بالمايكروفون بكل ثقة، وتقف على خشبة المسرح تشدو بصوتها الرقيق.. لم تصدق الأم والأب ما يشاهدانه، واستقبلوا التهاني من البعيد قبل القريب.

لكن الأسوأ قد حدث، فما أن وصلت “ميمي” سن السابعة حتى تغير كل شيء، وظهرت عليها ذات العلامات الفارقة. بطء في الحديث، وكثرة في الحركة، وعدوانية شديدة حتى إن المدرسة رفضتها.. ومنذ ذلك الوقت وهي في البيت برفقة أنوار ويوسف.

معاناة نجوى لم تقف عند هذا الحد، فقد أنجبت خمسة أبناء، لكن اثنتين توفيتا، الأولى عام 2000، والثانية قبل عدة أشهر.

ولعل أشد ما يؤلم نجوى أنها لم تسمع من كافة أبنائها كلمة “ماما” ولو مرة واحدة، مؤكدة أن “هذا الأمر يسبب لي ألما عظيما لا يفوقه شيء”.

لا قنوط

ورغم حجم هذه المأساة إلا أنها لم تدفع السيدة نجوى لليأس، أو القنوط، بل سعت جاهدة إلى رعاية أولادها خير رعاية، فلم تحرمهم يوما من اللعب والتنزه، فتصحبهم إلى الأماكن العامة رغم إعاقتهم، حتى حصلت مؤخرا على لقب “الأم المثالية”.

كما أن قسوة الظروف التي مرت بها نجوى لم تمنعها من التفاعل مع مجتمعها المحيط، فهي ناشطة في العديد من المؤسسات والجمعيات التي تُعنى بتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.

كما تأمل نجوى في أن يكون ابناها اللذان توفيا في حياتها شفعاء لها يوم القيامة، حتى إنها تحب أن تُنادَى بـ”أم الشافعين”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫13 تعليق

  1. لاحول ولاقوة الا بالله ياريت كنت اقدر اعمل اي حاجه اي شئ حت اساعدهم في محنتهم الله يجعلها في ميزان حسناتهم ويجعلهم شفعاء لهم يوم الوقوف بين يديه الله يتولاهم فهو ارحم الراحمين

  2. مسكينه الله يعينها صعب جدا
    المفروض تفكر من الاول قبل ما يصيرو خمسه

  3. التعليق الطبيعي اللي كنت رح أقوله, هو الله يعوضهم بالجنة
    لكن لأن اشوف الكل يبّخون سمومهم بمجرد مايشوفون خبر عن بلد ثاني فمارح أعلق

  4. لاماريوس, بس لأن الجماعة شغلتهم منتهية, فاللي بالي بالك يقولون الضرب بالميت حرام,
    لكن اللي من يمنا حقد وغيرة واشياء ثانية

  5. مرض هؤلاء الأبناء فى سن السابعة ، هو العمر المفترض للخلايا الجينية ، والذى تبدأ عنده بالتحول ، وتتلف عناصر التفكير والتركيز بالمخ ، ولا أدرى كيف نصحها الأطباء بإعادة الإنجاب ، بناءاً على فحوصات وتحاليل بحسب الخبر أثبتت أنها طبيعية ولا توجد أى أسباب لإيقاف الإنجاب ، أعتقد أن هؤلاء الأولاد والبنات ضحية من ضحايا الجهل ، مع تعاطفى الشديد لما حدث لهم ، وللدور الرائع الذى تقوم به الأم تجاههم ، ولكن كان يجب بمجرد إنجاب الطفل الثانى ، التوقف فوراً عن الإنجاب ، فالتحول الجينى يضرب مراكز المخ فى سن السابعة ، كما حدث للطفل الأول والثانى ، وأى تحاليل أو فحوصات لن تكتشف ذلك ، لأنهم يولدون طبيعيا وبقدرات عقلية طبيعية تماماً ، والضرر للمخ ومراكزه لا يحدث إلا بعد وصول الخلايا الجينية للعمر الإفتراضى لها ، وهى حالات نادرة معروفة عالمياً ، ويوجد مثلها نماذج كثيرة بمصر ، وأمريكا ، وبلاد كثيرة ،،،، أعتقد أن رغبة الأبوين فى إنجاب طفل سليم جعلتهما يستمرا فى الإنجاب ، دون تفكير فى عواقب هذا الأمر ، ومعاناة أولادهم ومعاناتهم معهم مدى الحياة ،،،،، لا يسعنى إلا أن أحيى هذه الأم على ماإبتليت به ، وصبرها وجلدها ، للوقوف بجانب أولادها ، وستكون معاناتها جهاد لها بالدنيا ستثاب عنه إنشاءالله بالآخرة .

  6. الله يرحمهم برحمته ويعين والدتهم ويجازيها كل خير
    آمين يارب

  7. السلام عليكم كان الله في عون هذه الأم المؤمنة 
    فقط أحب أن ألفت إنتباهكم أن الخلق مكتوبون حتى يوم القيامة 
    و مهما سعى الإنسان لن يزيدوا و لن ينقصوا 
    طالما أراد الله لهم أن يجيؤوا لهذا العالم 
    لا ينجي حذر من قدر

  8. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلي به غيرنا،اللهم صبرها واجعله في ميزان حسناتها انشاء الله

  9. الله يصبر هذه الأم الجليلة على ماابتلاها ربنا به
    ان شاء الله يكون سبب دخولها الجنة بدون حساب

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *