(CNN)– اكتسى التقاطب الإيديولوجي والفكري في المغرب بين التيارين المحافظ والعلماني حدة متصاعدة على خلفية جدل مثير بشأن موضوع الحريات الفردية بشكل عام، والحرية الجنسية على نحو خاص.
وبدأت أولى حلقات المسلسل بمطالبة جمعية حقوقية مغربية بإعمال الحق في الحرية الجنسية، وإسقاط تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
غير أن النقاش أخذ منعطفا آخر، حين دعم صحفي مغربي في مداخلة على قناة تلفزيونية فضائية دعوة الجمعية، فهاجمه بشدة شيخ محسوب على التيار السلفي.
وكان الصحفي مختار الغزيوي، رئيس تحرير صحيفة “الأحداث المغربية”، القريبة من التيار العلماني، قد ندد في تصريحاته بممارسة النفاق الاجتماعي، مطالبا برفع سيف القانون المسلط على “جريمة الحب”، فقابله الشيخ عبد الله نهاري باتهامه بإشاعة الفاحشة، موردا حديثا نبويا جاء فيه “اقتلوا من لا غيرة له،” مما أثار حفيظة أصوات عديدة اتهمت هذا الأخير بالتحريض على القتل.
وسواء على صفحات الصحف المغربية، أو المواقع الإلكترونية، أو صفحات الفيسبوك، اتخذ الجدل احتداما غير مسبوق، اعتبره بعض المراقبين علامة تقاطب إيديولوجي داخل المجتمع المغربي، بين المحافظين والعلمانيين.
ومن موقعه كطرف في هذا النقاش، قال الصحفي، الغزيوي، إن “موضوع الحريات الفردية يلامس وترا حساسا في المجتمع المغربي، وقد يبدو دعاة هذه الحريات أقلية وسط مجتمع يصر على أن يبقي الكثير من القيود على ممارساته السرية والعلنية لكي يشعر أنه متناغم مع ما يعلنه من اعتقادات.”

لكن الأساسي في العملية هو أن نقاشا حقيقيا قد فتح اليوم بصرف النظر عن التحوير الذي مس تصريحه “والذي جعل البعض يشن علي حملة ظالمة، وصلت حد إهدار دمي بناء على عبارة لم أقلها قط في حياتي.”
وكان الغزيوي يشير إلى اتهامه من قبل الشيخ نهاري بأنه طالب بالتمتع بهذه الحرية بما “في ذلك لأخته وأمه.”
وأوضح في هذا السياق لموقع CNN بالعربية، أن “طريقة خوض هذه الحملة من طرف المتطرفين هي طريقة خطيرة للغاية، فهم تمكنوا من تأليب الرأي العام المغربي اعتمادا على ترويج جملة كاذبة، وهذه الأساليب ليست غريبة على متأسلمي التيار الديني المتشدد الذين يعتقدون ويؤمنون أن الغاية تبرر الوسيلة، والذين لا يتورعون عن الكذب من أجل الوصول إلى أغراضهم.”
واعتبر الغزيوي أن المنخرطين في الحملة اليوم نوعان: “نوع لم يطلع على عبارتي الأصلية، ولا يعرف شيئا عن النقاش سوى أن صحفيا دعا إلى تحليل الحرام، وهذا الأمر كذب طبعا، لكن التضليل الإعلامي كان كبيرا، والنوع الثاني يعرف جيدا نوع الحملة التي ينخرط فيها، ويعرف أنها المناسبة لكي يبعث رسائل قويه إلى من يهمه الأمر، ولكي يفرض نفسه في المستقبل فاعلا في أي تغيير كيفما كان نوعه.”
لكن المهم في نظر الصحفي المغربي هو أن “بالون الاختبار الذي أطلقه المتطرفون من خلال دعاوى القتل لاقى مقاومة من طرف المجتمع المدني المغربي، ومن مختلف الهيئات الحقوقية والسياسية، علما أنها “أول مرة يعرف فيها المغرب فتوى للقتل في حق صحفي كل ذنبه هو أنه عبر عن رأيه،” بحسب الغزيوي.
وتعليقا على هذا الجدل، قال الناشط الحقوقي، كمال لحبيب: “إننا نتجه إلى بلورة أقطاب إيديولوجية حول تصورنا لمستقبل المجتمع المغربي. لقد دخلنا مرحلة مواجهة قوية، تستأنف باقي المعارك التي شهدها المغرب سلفا حول حقوق المرأة مثلا وحقوق الإنسان بصفة عامة.”ّ
وأعرب الناشط لحبيب في تصريح للموقع عن أمله في أن يتأطر هذا الحوار والصراع الفكري في ظل احترام واحتكام للمواثيق الدولية، وحوار سلمي يقطع مع ممارسة التحريض على القتل والعنف.
وأضاف أنه “لا مجال للرجوع إلى الوراء، فنحن في زمن توسيع الحريات.”
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن المجتمع المغربي يعيش بالفعل ازدواجية بين الواقع والخطاب، وقال:”المغاربة يعيشون حرية واسعة، بما في ذلك الحرية الجنسية، لكن على مستوى الخطاب والثقافة، لا يستطيعون التعبير عنها،” مما يفرض على النخبة الاستناد إلى تحليلات واقعية للظواهر والسلوكيات المجتمعية.
في المقابل، لقي الشيخ عبد الله نهاري، وهو إمام معروف بخطابته ولهجته الشديدة في المعارك الفكرية التي يخوضها، مساندة من قبل عدد من رموز التيار الإسلامي، وخصوصا السلفي، بل حتى من داخل بعض أصوات الصف الحقوقي.
وفي هذا السياق، يرى الناشط، أحمد ويحمان، أن الجدل الذي يعرفه المغرب لا علاقة له بتقاطب حقيقي بين محافظين وتقدميين، بل بقضية مفتعلة تستهدف تحوير اهتمام المغاربة بالقضايا الرئيسة التي تشغل بالهم، من بطالة وفساد وغيرهما.
وأضاف ويحمان، في تصريح لموقع CNN بالعربية، أن المغاربة “مدعوون إلى التيقظ تجاه محاولات تستهدف النسيج الاجتماعي القومي،” منبها الى خطورة توالي عدد من المبادرات التي تبين أن “وراء الأكمة ما وراءها،” معددا دعوات سابقة شملت قضايا المثلية الجنسية، والإفطار العلني في رمضان، والمساواة بين المرأة والرجل في الإرث، وغيرها.
وقال ويحمان، إن من يسمع بدعاوى رفع القيود عن الحريات الفردية يعتقد أننا نعيش في دولة وهابية، والحال أن العكس هو الحاصل، ” ثمة ميوعة شديدة وتدفق جنسي وحانات ومواخير.”
ليخلص الى القول، إن هذا النوع من القضايا محسوم أمرها، بما في ذلك أمر العلمانية، مستشهدا بالآية القرآنية: “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.”
ويتساءل ويحمان:” لم هذا الضجيج الذي يراد به صرف المغاربة عن انشغالاتهم الأساسية؟”
وجاء موقف الحكومة على لسان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي أكد أمام البرلمان المغربي، رفض الحكومة لمطلب بعض الهيئات الحقوقية برفع التجريم عن العلاقات الجنسية.
وقال الرميد، الذي يعد أحد القياديين البارزين في حزب العدالة والتنمية (الاسلامي الذي يقود الحكومة)، إن رفع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج “فساد يضرب في الصميم مبادئ النظام العام.”
ووصف الرميد في جواب على سؤال للفريق الاشتراكي بمجلس النواب (معارض للحكومة) العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج، بأنها فساد “يضرب في الصميم مبادئ النظام العام المغربي، الذي يشكل الدين أهم مكوناته.”

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. هم قلّة فلا داعي لتصويرهم على أنهم يشكلون شريحة واسعة…. ليس هناك أي جدل هناك تصدي فعلي لهاته الفئة التي تعوّل على الاعلام لينفخ حجمها ويُعطيها اكثر من قدرها بالترويج لها كما تفعل نورت

    1. ياسمينة معرفتش علاش تعاود الكومنت ديالي 2 مرات ….هههههه

  2. هذا كله مجرد ضجيج لا يؤدي غلى أية منفعة….و يا ريت هذه المنظمات اللي بتسمي نفسها ”حقوقية” و على رأسها منظمة ”مدام خديجة الرياضي” تهتم شوية بوضعية المواطنين و تحاول تدافع عن انشغالات الناس الحقيقية مثل الزيادة في الأسعار و البطالة و وضعية المواطنين في القرى النائية و تحسين ظروف عيشهم و توفير الخدمات لهم… و تحسين مستوى الخدمات إلى غير ذلك…أحسن من هذه التفاهات التي تذكرنا بمسلسلات المكسيك و من يقرأها يظن بأن كل المغاربة لاهم لهم إلا هذه الأفكار…

  3. هذا كله مجرد ضجيج لا يؤدي إلى أية منفعة….و يا ريت هذه المنظمات اللي بتسمي نفسها ”حقوقية” و على رأسها منظمة ”مدام خديجة الرياضي” تهتم شوية بوضعية المواطنين و تحاول تدافع عن انشغالات الناس الحقيقية مثل الزيادة في الأسعار و البطالة و وضعية المواطنين في القرى النائية و تحسين ظروف عيشهم و توفير الخدمات لهم… و تحسين مستوى الخدمات إلى غير ذلك…أحسن من هذه التفاهات التي تذكرنا بمسلسلات المكسيك و من يقرأها يظن بأن كل المغاربة لاهم لهم إلا هذه الأفكار…

    1. Le Maroc est tant aimé par Nawaret … qu’elle ne peut pas se priver
      d’en parler chaque jour … pour créer une fitna bien entendu

    1. Je suis d’accord avec vous, je pensais que j’étais la seule à penser que Nawaret faisait exprès de parler que de ce qui n’est pas bien au Maroc. A croire que c’est un pays où la population ne pense qu’à cela partout. Si les gens ne vont que là où il y a alfassade, pourquoi faire penser aux autres que tous les marocains sont fassidine. belhak, mashi lkhata2 dialhou…..elba3d menna houma elli dayrin fina had shi. wa ma3a dalik 3aaaaaaaaaach almaghrib, pays de tolérance d’hospitalité et de valeurs malgré une minorité …

  4. لولا النت والفيسبوك لم سمعنا بهم في المغرب كل الشباب الصالح والفاسد المراهق والبالغ ضد هؤلاء الملحدين ويتوعدونهم طالبوا بثورة في المغرب وبالتغيير ويا له من تغيير كأننا ناقصين فساد حرية جنسية وافطار رمضان والمساواة أللامشروطة وإلغاء دين الدولة يا سعدي يا فرحي بيكم يا وجوه جهنم الله ياخد فيكم ألحق

  5. العقلية المغربية قريبة الى العقلية العربية عامة لازال الشاب عند الزواج يبحث عن الأنثى البكر التي لم يلمسها احد تناقض كبير في المتطلبات عندما تغير عقلية المغربي وهذا لن يحصل الا بمعجزة عندها يمكن الحديث عن حرية جنسية اما ان نتركه على هواه يلهو بهذه ويعبث بهذه ويغتصب هاته وان يأتي بأطفال زنا مجهولي الاب ويخلف لنا امهات من غير زواج بكثرة تحير الجمعيات والمجتمع في استقطابهم
    فأقول لهم لا ولن نسمح بالحرية الجنسية في بلدنا

ماذا تقول أنت؟
اترك رداً على racha إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *