تقف معلمة الصف الرابع في مدينة نيويورك، صبيحة يوم، تنتظر الحافلة؛ تشاهد تلميذاً ثانوياً يلقّن شقيقه الابتدائي الصغير درساً في كيفية إرخاء سرواله «ارخ حزامك، اخفض سروالك حتى يستقر عند أسفل مؤخرتك». ثم يقف ويُدير ظهره لأخيه «انظعلى الطريقة الأميركيةر إليّ، أترى كيف يستقرّ، هكذا يجب أن يكون سروالك».

الصغير، بحسب شهادة المدرسة، راح يتعثّر منزعجاً في مشيته، وصاح بأخيه «هذا ليس مضحكاً، أو منعشاً، لا يبدو جيداً يا رجل». المعلمة تُعجب بموقف الصغير، «فقد رفض تلك الموضة الفارغة المُثيرة للاشمئزاز».
حوادث عديدة تدلُّ على أن فئة من المجتمع الأميركي ضاقت ذرعاً بهذه الظاهرة، رغم أنّها تعبّر عن فئة اجتماعية مهمّشة. فهذه الموضة انبثقت من داخل السجون الأميركية، حيث ارتداء السروال تحت الخصر أمر مألوف، إذ إنه لا يسمح للنزلاء بارتداء الحزام لأسباب أمنية، خوفاً من استخدامه آلة للقتل أو الضرب أو حتى الانتحار، فتسقط سراويلهم إلى أسفل أردافهم. وإرخاء البنطال هو أيضاً تعبير عن المثلية؛ فالسجناء المثليون كانوا يرخون سراويلهم في تلميح إلى «الوفرة الجنسية». والفتاة المثلية بدورها تحبّذ إرخاء سروالها في تعبير عن ذاتها.
في تسعينيات القرن الماضي، روّج فنانو موسيقى الـ«هيب هوب» لظاهرة السراويل المرخية التي انتشرت في ما بعد داخل المدن وفي الضواحي. وبفضل العولمة الثقافية وأدواتها الترويجية، انتشرت هذه الظاهرة في شتى أنحاء العالم.
لكن هذه الظاهرة تثير حالياً انتقادات داخل المجتمع الأميركي، حيث يظهر الثوب الداخلي «البوكسر» بكامله تقريباً، ما اعتبر انتهاكاً للآداب العامة. وآثرت بعض الولايات القيام بمبادرات فردية لمكافحتها، وسُنّت منذ 2007 قوانين بفرض غرامة مالية تصل الى 500 دولار وعقوبة سجن 6 أشهر لمن يخفض سرواله.
وانطلق قانون حظر السراويل من ديلكامبر ولويزيانا لينتشر بعدها في أوبالوكا وأتلانتا وبالتيمور وريفييرا بيتش وبان لون ودالاس وتالاهاسي وترينتون ونيوجرسي وباين بلاف وأركنساس، وداخل ولايات فرجينيا وجورجيا وفلوريدا وتكساس وماريلاند وميسوري وغيرها.
وقد سُجلت بعض حالات التغريم والسجن، جرى في خلال بحثها في بعض الولايات إلغاء الحظر؛ ففي ولاية تينيسي، على سبيل المثال، اعتبر المدعي العام أن الحظر «ملتبس وغير دستوري». وأصدر قاضي فلوريدا قرراً مماثلاً في 2008. كذلك فعلت محكمة ريفييرا بيتش.
جهود مكافحة هذه الظاهرة لم تقف عند تشريعات الولايات. المدارس أيضاً وضعت قوانينها الخاصة لمنع التلاميذ من خفض سراويلهم تحت طائلة الفصل. بعض الفنانين انضمّوا إلى حملة المكافحة وأطلقوا أغاني تحث الشباب على رفع سراويلهم. ومحامو الولايات اعتبروها عرضاً غير لائق وتصرفاً جنسياً علنياً.
بدوره، قرر السيناتور عن بروكلين، إريك آدامز، إطلاق حملة «تربوية» من أمواله الخاصة، لمكافحة السراويل المرخية. وقد رُفعت لوحات في الشوارع تقول «أوقفوا الإرخاء» و«ارفع سروالك، ارفع صورتك». وأُطلقت إعلانات مصورة على «يو تيوب» تقول «يمكنك أن ترفع مستوى احترامك إذا رفعت سروالك».
آدامز ليس وحده، هناك مجموعة من السياسيين الذين حملوا هم رفع السراويل في برامجهم السياسية. القضية شغلت الجميع وأصبحت مدار جدل داخل مجالس المدارس والولايات والمدن والوسائل الإعلامية.
الرئيس باراك أوباما كان له موقفه. وقال، خلال برنامج تلفزيوني حين كان مرشحاً، «الإخوة يجب أن يرفعوا سراويلهم، أنت تسير مع أمك وجدتك، وثيابك الداخلية ظاهرة. بعض الأشخاص قد لا يريدون أن يروا ثيابك الداخلية، وأنا واحد منهم». رغم أنه اعتبر أن قوانين الحظر التي تسنها الولايات هي مضيعة للوقت.
وتروّج حملات المكافحة إلى أن ظاهرة السراويل المرخية ذات دلالات انحلالية وغير أخلاقية. لكن هذه الظاهرة يبدو واضحاً أنها انعكاس لثقافة فئات اجتماعية، تقطن السجون والضواحي، ويتركز معظمها في أوساط الأميركيين من أصل أفريقي. لهذا، رأى البعض أن قوانين الحظر لها طابع عنصري وتستهدف تلك الفئات. إلا أن عمدة ديلكامبر كارول بروسارد تنفي أن يكون لقانون الحظر أي طابع عنصري، مشيرةً الى أن البيض أيضاً يرخون سراويلهم.
وفي انتقاد لهذه الظاهرة لا يخلو من بعض الفوقية، يتساءل الكاتب تشارلي تشيز، في «روم نيوز تريبيون»، «هل طريقة تكلم الأفراد وارتداء الثياب تعني شيئاً لحضارة الدول؟ ويستعين برسالة للشاعر جون ميلتون في 1638 تقول: أفلاطون يرى أن التغيير في الثياب والعادات للمواطنين يُنذر بتغييرات كبيرة واضطرابات داخل الدول، وأنا أميل الى الاعتقاد بأنه عندما تصبح اللغة المشتركة المستخدمة في بلد ما غير منظمة ومنحرفة سيتبعها الدمار والانحلال. والمصطلحات الفاسدة دلالة على أن الشعب فاتر وكسول ومهيّأ للعبودية». ويتابع «فالإنسان حيوان اجتماعي يستخدم عقله للتفكير، ويفكر عبر الكلمات. لهذا، فإن الكلمات الفقيرة دليل واضح على أن الشخص لا يستطيع التفكير بوضوح. الثياب القذرة تدل على عدم احترام الذات». ويخلص الى أنه «كيف نرتدي ونتصرف هو دليل على صحة حضارتنا».
لكن الحضارة هي الميراث الثقافي والفنون والتقاليد والعلوم والتاريخ لشعب معين في حقبة معينة، وتلك الظاهرة انبثقت من فئة اجتماعية مهمّشة، ما لبثت أن لقيت رواجاً وقبولاً عالمياً، من قبل نظيراتها في الدول الأخرى. وما تراه فئة اجتماعية انحلالاً، هو ثورة للفئة الأخرى.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫21 تعليق

  1. بكره هذه السراويل ولما يلبسهم اخي بضلني وراه عم ارفع له البنطلون

  2. عنوان الخبر “””السراويل المرخيّة: انحلال أم طريقة للتمايز؟”””

    إجابة الخبر “” ممكن أصحاب هذه السراويل ينزلوا لصعيد مصر ، ويجدوا الإجابة بأنفسهم ،، بدون أى عناء أو جهد “”””

  3. بغض النظر عن كونها إنحلال أو طريقة للتمايز!!
    نفسى أسأل واحد من إللى ماشيين على الموضة دى!! إنت إزاى بتعرف تمشى وإنت مسقّط بنطلونك ونُص البُوكسر (الملابس الداخلية) باينة !!
    موضة إية إللى زى الزفت دى إللى تخلينى ماشى ومش عارف أخد خطوة مرتاحة زى باقى الناس!!
    ربنا يهديهم.،
    أما عن إجابة السؤال. فأعتقد أنها إنحلال بطريقة غير مُباشرة لأن مُتبعى هذه الموضة يعتقدون أنها تمايز وتغيير ومواكبه للعصر وللتتجديد، ولكن مُبتكرها على يقين تام أنها إنحلال!!

  4. المشكله ان هده الظاهره انتشرت في الوطن العربي كدلك في ليبيا غرامتها 500 دينار ليبي اي ما يعادل 400 دولار

  5. كيفك أخى أيـوب..؟ إنشالله بخيـر..
    خطوة جميلة إن ليبيا تحارب الموضة الغريبة دى، بس لية أفرض غرامة على مُرتدى هذة السراويل لمّا أقدر أمنع إستيرادها أو تصنيعها داخل البلاد!
    نفس الشئ بلاحظة عندنا فى مصـر..
    كل سته أشهر تضع وزارة الصحة لافتة تحذيرية على علب السجائر والغرض هو إقلاع المُدخنيين عن هذه العاده!!
    طيب لية أعمل كدة لما أقدر امنع إنتاجها وإستيرادها من الخارج أصلاً !!
    بجد حاجة غريبة، تحس إن الموضوع بيزينس وكأن البلد بتقول أنا هتاجر فيها وهدخلها بالعملة الصعبة، بس هعمل إللى عليا وهحذر الناس!!
    فأنا شايف إن موضوع الغرامة دة مُمكن يُطبق على إستخدام خاطئ لحاجة أنا ماقدرش أمنعها زىّ السير بالسيارة فى الإتجاه المُعاكس مثلاً، لكن أطبق غرامة على حاجة فى إيدى إنى أمنعها زى السجاير والسراويل يبقى مش منطقى…
    يومك سعيد أخى الكريم..

  6. اهلا اخي فيب انا الحمد الله وانت ان شاء الله تكون بخير
    بنسبه لموضوع السراويل low waiste هوا بيكون سروال زي اي سروال عادي بس طريقه ارتدأه تختلف يعني الاختلاف في طريقة لبس السروال

  7. صباح الخير ايوب وفيب:
    اكيد هده السراويل ممنوعة الاستيراد …بس الا ما يدخل عن طريق المسافرين للخارج وتجار الشنطة..
    انا ارى هدا التوع من البناطلين شئ مخجل ولا يرمز للرجولة لابسه وغالبا من يلبسه تراه يمشي ببطئ وتكاسل ..
    كما انه لا يظهر الملابس الداخلية فقط بل ما تحتها ايضا.
    الرسول عليه الصلاة والسلام نصحنا بتقصير الثوب ..(طبعا ليس كما يفعل المعتقدين في السنة حاليا)
    ونهانا عن ان نجر الثوب خيلاء..ودلك لعدم تطويق حركة الرجل المفترض ان يعمل اغلب الوقت.

  8. صباح النور honest
    الحمد الله في وعي عند الشعب تلاقي هده الفئه منبوده من عند الناس المحترمه

  9. راح خلي اخي يقرأ التعليقات يمكن يبطل يلبس هيك بنطلونات او بيلبس قشاط مشان ما تنزل وهو عم يمشي بس هو مابينزل البنطلون عليه كتير لدرجة انو يبين السروال الداخلي….. مابيسترجي…..

  10. يووووووووووووووووه …..
    وألله في منطقتنا بأمريكيا ناس أسبان والله جننوني بنطلونهم بعد شوية ويقع ….
    أنا أبقى أنظر عليهم وأضحك …..
    ياربي أرحمنا من الجنان ………….

  11. هههههههههههههه و الله احلى و احسن جواب عند الفارس العربي المصري ههههههههههههههههههههههههه

  12. السلام عليكم vip
    لفتني بكلامك عن السجائر, هذي العبارة ماتوضع اعتباطاً لكن وضعت بعد دراسات عن التدخين بوعي, ملخصها انّ المدخن الواعي ( اللي يقرأ هذي العبارة) احتمالية اقلاعه عن التدخين تزيد كذا مرّة عن المدخن غير الواعي.
    وهذا ماحصل في بعض دول اوربا الغربية حيث قلّت نسبة التدخين فيها واصبحت اقل من الشرق الاوسط بكل حال!

  13. للأسف بدأت هذه الظاهره القذره تنتشر فى البلدان العربيه !
    والبعض يقلد دون أن يعرف معناها ؟
    فبداية ظهور هذه الظاهره الشاذه كانت فى بداية الثمانينات حيث إنتشرت فى السجون الامريكيه من قبل بعض الشاذين جنسيا ! فيقوم الشاذ داخل السجن بإرخاء لباسه كعلامه لبقية المساجين بأننى شاذ ومستعد للواط أجل الله القراء !
    بعدها إنتشرت فى جميع أنحاء أمريكا والعالم كموضه دون السؤال عن معناها؟
    تشوف رجل طول بعرض يمشى قدامك مرخى لباسه وكأنه عاملها على حاله !

  14. مساء الخير يا رقيب , بلشنا بالحركات النص كم !!!
    كلام مو TNT

  15. علشان خاطرك يا رقيب نعيد !!!!
    للأسف هذه الظاهره الشاذه بدأت تنتشر فى بعض البلدان العربيه !
    والبعض يقلد دون أن يعرف معناها أو سببها ؟
    حيث بدأت هذه الظاهره القبيحه فى الظهور بداية الثمانينيات عندما كان المسجونون الشاذون جنسيا فى سجون أمريكا يقومون بإرخاء سراويلهم كعلامه لبقية السجناء بأنهم شاذون جنسيا ولا يمانعون من إقامة علاقات محرمه ؟
    بدأت بعدها بالانتشار فى بقية أنحاء أمريكا ومنها للعالم .
    رجل طول بعرض يمشى قدامك مرخى سرواله وكأنه عاملها على حاله !

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *