لا تزال العادات والمعتقدات الشعبية المتوارثة منذ القدم تتحكم في سلوك الموريتانيين وحياتهم الاجتماعية، من بينها معتقدات خاطئة وشائعة، وأخرى غريبة وطريفة لها جذور عميقة في المجتمع الموريتاني، يذهب البعض إلى حد الغلو والتطرف في الإيمان بها وممارستها.
وارتبطت أغلب هذه المعتقدات بعالم الخيال والموروث الشعبي، وانطلقت من خلفيات أسطورية قديمة، فتوارثتها الأجيال وأصبحت واقعاً وقانوناً من قوانين الطبيعة، ويظهر تأثيرها بشكل كبير في تعاملات الموريتانيين وأحاديثهم وحياتهم اليومية.
وتؤثر هذه المعتقدات الشعبية سلباً في تطور المجتمع وتقدمه، فأغلبها يرسخ الجهل والأمية وثقافة الصمت والقبول بالأمر الواقع والاتكال على الغير، وتختزل أخرى علاج المشكلات الاجتماعية والأمراض العضوية في أعمال السحر والشعوذة، بينما تفسر أخرى الأحلام والوقائع والأحداث بمعايير ثقافة التفاؤل والتشاؤم.
حمل خرزة لدرء العين
ومن بين المعتقدات التي يحفل بها الموروث الشعبي في موريتانيا حمل خرزة أو حجاب لدرء العين وجلب الرزق، وارتداء خاتم أو أسورة من النحاس أو الفضة لعلاج الأمراض، والامتناع عن لبس اللون الأحمر والاستحمام مساء.
ومن أغرب العادات التي يؤمن به الموريتانيون كثيراً الامتناع عن كنس البيت بعد سفر شخص عزيز خوفاً من تعرضه لمكروه، وتجنب إلقاء المياه الساخنة في البالوعات خوفاً من انتقام الجن، والتشاؤم من رؤية القطط وسماع نهيق الحمار وعواء الكلب ليلاً.
كما يؤمن الموريتانيون بأن الكنس ليلاً واللعب بالمقص والمفاتيح داخل منزل الزوجية يجلب النحس ويهدد استقرار الأسرة.
وهنالك من البدع والتصورات ما يدفع الشخص إلى التراجع عن قرار مصيري في حياته إذا رأى ما يعتقد أنه إنذار بوقوع شر، كما أن هناك اعتقاداً راسخاً لدى الموريتانيين بأن المناداة على شخص بعد خروجه من البيت وتجاوز العتبة فأل سيئ، أما النهي المتكرر فهو بالنسبة إليهم نذير شؤم ودليل على عدم تحقيق المراد، كما دأب الناس على مس الحائط إذا سمعوا أخباراً سيئة.

الموريتانيون
ويرى الباحث الاجتماعي، محمود ولد لمرابط، أن أكثر العادات التي تبعث على الدهشة والاستغراب تلك المرتبطة بكابوس الحسد، فالكثير من الموريتانيين لديهم اعتقادات وعادات متوارثة منذ القدم ومرتبطة بالحسد والعين، فمثلاً حين يرزق شخص بمولود جديد يخفيه عن أعين الناس خشية الحسد، وأحياناً يروج أن المولود أنثى وفي حالة التوأم فإن إخفاء أحد المولودين ضروري حتى لا تحسد العائلة وتصاب الأم بالعقم.
حرق أنواع معينة من البخور
ويشير إلى أن الموريتانيين ابتدعوا طرقاً غريبة لطرد الحسد ودرء العين بارتداء خرزة زرقاء أو حمراء أو قلادة مزينة بودع، وحرق أنواع معينة من البخور والتمائم، أو ارتداء الخواتم والسلاسل للحماية من أي مكروه أو حادث.
ويؤكد الباحث أن هذه المعتقدات والتقاليد والطقوس الغريبة تمارسها على نطاق واسع في موريتانيا رغم أن أغلبها لا تعدو كونها خرافات لها جذور عميقة في عالمنا وفي نفوسنا، توارثتها الأجيال فبدت كمعتقد صحيح لدى البعض.
وحذر الباحث من سيطرة المعتقدات الشعبية واقتحامها أدق تفاصيل الحياة اليومية، خاصة أن بعض العادات المتوارثة تربط بين الأحداث التي وقعت صدفة وتضع مفاهيم خاطئة لها، وتدفع الناس إلى النفور من بعض الأشياء واستعمال وصفات خطيرة واللجوء للشعوذة.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *