حذر تقرير أصدرته أخيراً الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وهي مؤسسة رسمية تعنى بالتحكيم في قضايا خلافية بالقنوات التلفزيونية والإذاعات، إلى وجود جرعات من العنف في العديد من برامج الأطفال الموجهة لمن هم دون 12 عاماً في القنوات التلفزيونية المغربية.

وأشار التقرير ذاته إلى أن برامج الرسوم المتحركة تبث أيضاً رسائل سلبية تتجلى في مشاهد العراك والاقتتال التي تطالع الأطفال الصغار، فضلاً عن مظاهر تدخين السجائر أو الإدمان على المخدرات والتعاطي للكحول، والتي يتضمنها عدد من هذه البرامج.

وسجل التقرير عدم احترام القنوات التلفزيونية العمومية لأغلب المواعيد المخصصة لبرامج الأطفال، مشيراً إلى غياب شروط استفادة الأطفال ضعيفي السمع من البرامج، أو مشاركة الطفل في إنتاج هذه العروض وإعدادها وتقديمها.t
التأثير على شخصية الطفل

وتعليقاً على هذه المعطيات المتضمنة في تقرير المؤسسة التي تعرف اختصاراً بـ”الهاكا”، قال الخبير في الاتصال والإعلام، الدكتور محجوب بن سعيد، إن التقرير لم يأت بشيء جديد، لأن المشكلة كانت مطروحة بالمغرب قبل ظهور “الهاكا” كسلطة للضبط.

وتابع بن سعيد، في تصريحات لـ”العربية.نت”، أن عديداً من الدراسات الجامعية الميدانية في مجالات علوم النفس والاجتماع والإجرام تناولت هذه المشكلة، ونبهت إلى خطورته في وقت كانت توجد فيه قناة تلفزيونية واحدة تخصص حيزاً زمنياً قصيراً لبرامج الأطفال”.

ولفت الخبير إلى أن “هذه المشكلة باتت تمثل خطراً كبيراً على الطفل المغربي، ومؤثراً قوياً على شخصيته في بنائها التربوي والنفسي والاجتماعي والأخلاقي، في ظل العدد الهائل من القنوات الفضائية، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية والاستعمال المكثف للإنترنت”.

واسترسل المتحدث بأن تقرير “الهاكا” يقتصر فقط على العروض التي تقدمها القنوات التلفزيونية العمومية، “علماً أن أطفالنا في المدن يهاجرون إلى قنوات أجنبية ويدمنون على الإنترنت والألعاب الإلكترونية، ويفضلون البرامج القائمة على العنف والقوة والتدمير والعدوانية”.
جرعات مسمومة

وأورد بن سعيد أن “هذه الجرعات المسمومة من العنف تُضاف إلى معايشة الأطفال لنوع آخر من العنف اللفظي والمادي في حياتهم اليومية الواقعية، من قبيل العنف الأسري والعنف في المؤسسات التعليمية، وفي الشارع العام، وفي وسائل النقل”.

وأبدى الخبير أسفه من عدم إيلاء الجهات المعنية، من أسرة ومدرسة ومؤسسات حكومية ومجتمع مدني، الأهمية اللازمة لمعالجة هذا المشكل الخطير الذي تظهر انعكاساته وتداعياته في الأعمال التخريبية للممتلكات العمومية، والشغب في ملاعب كرة القدم”.

وقال بن سعيد إن “الهاكا” ليست فقط مؤسسة مكلفة بالتنبيه للمخاطر، بل هي سلطة ضبط وحريصة على الأخلاقيات والقيم، مشدداً على أنه “يتعين على وزارة التعليم أن تدرج في مقرراتها الدراسية مادة التربية الإعلامية لتوعية التلاميذ بإيجابيات ومخاطر تقنيات المعلومات والاتصال”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *