بعد أن حلّ الفقر ضيفا ثقيلا على كاهل أسرتها قررت أن تجعل من الحديث النبوي القائل “اليد العليا خير من اليد السفلى” سلاحا لطرده عنوة.

فقد رفضت السيدة الجزائرية فوزية رزيق -45 عاما- بقاء هذا الضيف في منزلها إثر سرقة معدات زوجها وتوقفه عن العمل، فلجأت لتأسيس مشروع لتربية الأغنام والماشية حتى استطاعت أن تكفي أسرتها ذل السؤال والعيش على صدقات المحسنين وأن تحمي الأبناء من الانحراف.

تقول فوزية المقيمة في مدينة “الناظور” التابعة لولاية تيبازة “منذ أن قدمت من مدينة بسكرة، أي منذ زواجي، ونحن نعيش حياة هادئة، حتى سرقت معدات زوجي الذي كان يمتلك مقاولة صغيرة للبناء، فتسبب له هذا الحادث في صدمة نفسية عميقة، جعلته عاجزا تماما عن العمل، على رغم محاولاته العديدة للعودة، فكلما اشتغل في ورشات البناء توقف؛ إذ إنه لم يستطع تقبل الوضع الجديد”.

“هذا الوضع الجديد -تقول فوزية- جعلنا نعيش في ضائقة مالية من الصعب وصفها، إلى درجة أننا أصبحنا عاجزين عن توفير الخبز والحليب، بل أصبحنا نعيش على صدقات المحسنين، والأكثر من ذلك أن اثنين من أبنائي أجبروا على مغادرة مقاعد الدراسة، بسبب عدم قدرتنا على شراء مستلزمات الدراسة، ولا حتى توفير الملابس لهما”.

وتضيف “في ظل هذا الوضع المتأزم اهتديت إلى صناعة بعض العجائن، (لمحاجب)، وتولى أولادي الذين غادروا المدرسة بيعها في الأسواق والشوارع، وحتى في الشواطئ، غير أن ما كنا نجنيه من هذا العمل الشاق لم يكن يلبي كافة حاجيات الأسرة المكونة من خمسة أولاد إضافة لي ولزوجي، خاصة أن بعض الأبناء دخلوا مرحلة المراهقة فازدادت طلباتهم”.

وبعد عام تقريبا من بيع العجائن علمت أن الدولة شرعت في منح قروض مالية لكل من يريد إقامة مشاريع فلاحية، وبالفعل قصدت الجهة المعنية؛ حيث قدموا لها الشروحات المتعلقة بالمشروع ما جعلها تعقد العزم على خوض التجربة.

إصرار وتحدّ

وعلى الرغم من أن جميع من حولها حكموا على المشروع بالفشل مسبقا، إلا أنها لم تلتفت إليهم ومضت في تجسيد الفكرة، فاشترت 41 رأسا من الغنم، و17 قنطارا من الغذاء، غير أن المشكلة بقيت في بناء الإسطبل، الأمر الذي اضطرها إلى اقتراض مبلغ آخر من بعض الأقارب.

وبالفعل نجحت في تسديد كافة ديونها في ظرف لا يتعدى الثلاثة أشهر، خاصة أن انطلاقة المشروع جاء قبيل عيد الأضحى وهو ما مكنها من بيع كل ما كان بحوزتها من خرفان، لتعيد الكرة مرة أخرى حتى بلغت ثروتها قرابة المائة رأس حينها.

وتؤكد فوزية أن نجاح مشروعها وتوسعه حاليا، ليس صنيعتها وحدها فقط، بل شاركها أبناؤها في هذا التحدي، مشيرة إلى إشراك أبنائها في المشروع كان بهدف حمايتهم من الانحراف أو الحرقة (الهجرة الغير شرعية)، خاصة أن الظروف التي يعيشون في ظلها، تشكل أرضية خصبة لدخول عالم الرذيلة والجريمة التي انغمس فيه بالفعل عدد من أقرانهم.

اسم لامع

ومع مرور الوقت أصبحت “فوزية” من الأسماء اللامعة في عالم تربية المواشي، لكن هذه الشهرة لم تكن نهاية المطاف، فعلى رغم محدودية مستواها التعليمي إلا أنها نجحت في تأسيس جمعية “إكرام” للارتقاء بالمرأة الريفية.

وحتى الآن نظمت الجمعية التي تضم في صفوفها أكثر من 40 متطوعة من مختلف شرائح المجتمع عددا من الحملات التوعوية، التي استفاد منها أكثر من ألف عائلة في إطار مشروع التنمية الريفية.

كما ساعدت الجمعية 79 سيدة في الاستفادة من قروض تربية المواشي والدواجن والنحل، فضلا عن دورها في مشروع “محو الأمية” بالريف، وتقديم بعض المساعدات الاجتماعية.

وفي الختام عزت فوزية نجاحها في الخروج من دائرة الفقر إلى تمسكها بحديث “اليد العليا خير من اليد السفلى”، داعية الجميع إلى “التخلص من أغلال اليأس والتسلح بالأمل لمواجهة تحديات الحياة، فالنجاح ليس حكرا على فئة معينة”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫15 تعليق

  1. ياليت لو كل المسلمين نهجوا نهجك يا سيدتي ،،
    لو كلهم نصبوا القرآن الكريم والسنة الصحيحة أمام أعينهم ،، وجعلوهما الحل لكل مأزق يقعون فيه ،، ولكل مصيبة تحيط بهم ،، ولكل شر مستطير يتربص بهم ،، لكنا في خير حال ،،

  2. ما بيكفي انه نقرأ ايه قرآنية ونؤمن بيها حتى ننجح اذا ما كان في الارادة للعمل بهذه النصيحة ، هيدي الست عقلها كبير ولأنها شعرت بخوف من انحراف اولادها عملت هيك واهم شي انه ربنا وفقها ، يعني الحكمة والعقل والارادة لازم يجتمعوا حتى يصير ياللي صار ، بارك الله فيها .

  3. حاجة جميلة جدا
    بس برده أكيد الرسول لو كان موجود كان هيجعل مصر و الجزائر متصالحين ……..فينك يارسول الله(عليه الصلاة والسلام)

  4. وفي الختام عزت فوزية نجاحها في الخروج من دائرة الفقر إلى تمسكها بحديث “اليد العليا خير من اليد لسفلى” ايا ست فوزية اعزي نجاحك لأن الله تعالى وقف جنبك وساعدك قبل أي شي
    تاني وقولي الحمد لله رب العالمين. لأنه بالحمد لله وحده تدوم النعم
    بكل حكيك ما ذكرتي فضل الله عليكي وعلى ولادك …. استغفري ربك
    أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
    وبالنهاية يعطيكي العافية على اصرارك القوي ومساعدتك لعيلتك ولبلدتك

  5. الزوج مادوره في كل هده الاحداث ؟
    عندما ترك الاولاد المدرسة….مادا كان يفعل؟؟؟
    من حسن حظ الاولاد ان امهم كانت بعشرة او مئة من اباهم…

  6. حنان الهاني هاد هو الرد ع سؤالك -فتسبب له هذا الحادث في صدمة نفسية عميقة، جعلته عاجزا تماما عن العمل، على رغم محاولاته العديدة للعودة، فكلما اشتغل في ورشات البناء توقف؛ إذ إنه لم يستطع تقبل الوضع الجديد”-
    و برافو عليكي هادو هما الجزائريات حرااااااااااات

  7. هؤلاء هن الجزائريات الحرات لا يرضين الا بالعيش بكرامة
    بارك الله فيها…نحن الجزائريين نموتو بالشر ومانمدوش ايدينا
    مهنة الشحاتة نعرفها في المسلسلات فقط

  8. اختي كارولينا لا تسيئي الظن بالاخرين فهذا كلام منقول عن الصحافة وما ادراك انها لم تذكر الله ربما لم يسجل كلامها حرفيا .تقبلي ملاحظتي من غير زعل ومعذرة.انشر رجاء

  9. the same remark of loubna for u carolina
    dont forget that the press dont copy details
    they baised on the main subject wich was what rassoulna said

  10. ما شاء الله ,,, الله يعطيك الصحة يا لالة و ربي يحفظك لوليداتك و يفرحك بيهم

  11. ما شاء الله ,,, الله يعطيك الصحة يا لالة و ربي يحفظك لوليداتك و يفرحك بيهم

    نورت انشري من فضلك

  12. بتشرف عند مرورى على مثل هذه الموضوعات وأقرأ تعليقات إخوتى وأخواتى المصريين …

    أعرفكم بنفسى :
    مصـرى وأفتخر … مصـرى خالى من الحقد …

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *