أيّدت المحكمة الاتحادية العُليا في الإمارات حكماً قضى بإدانة طبيبٍ عن خطأ طبي جسيم، وتغريمه 110 آلاف درهم، إذ تسبّب في أثناء جراحةٍ أجراها لمريضٍ في إصابته بعاهةٍ مستديمة متمثلة في فقد القدرة على الإنجاب طبيعياً.
وقالت المحكمة في الحيثيات إن رابطة السببية بين الخطأ والضرر قائمة بأركانها كافة، وتوافرت معهما أسباب المسؤولية التقصيرية بحق الطبيب.
وأوضحت صحيفة “الإمارات اليوم”، أن النيابة العامة أحالت جرّاحاً يعمل في مستشفى إلى المحاكمة، على خلفية تسبّبه في إصابة مريضٍ بعاهة مستديمة عن طريق الخطأ، نتيجة إهماله وعدم انتباهه وبذل العناية اللازمة، بأن استخدم الشق الجراحي لكيس الصفن، وهو من غير المتعارف عليه جراحياً، دون قيامه بالتدخُّل الجراحي بوساطة الشق الأربي، ما تسبّب في قطع قناة الحيوانات المنوية وفقد قدرة المجني عليه على الإخصاب بالشكل الطبيعي؛ مسبّباً له عاهةً مستديمةً على النحو المبين بالتحقيقات وتقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، وطلبت معاقبته.
وقضت محكمة أول درجة غيابياً بتغريم المتهم 10 آلاف درهم، وأن يدفع للمجني عليه دية قدرها 100 ألف درهم عن الاتهام المسند إليه، فعارض المتهم لعدم حضوره، فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن، واستأنف المتهم الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الأول، وبعدها طعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا. ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، مؤيدةً ما قضى به حكم الاستئناف.

Queen Elizabeth II And Prince Philip Visit Abu Dhabi - Day 2
وأكدت هيئة المحكمة أن مسؤولية الأطباء تخضع للقواعد العامة، وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب إلى الطبيب، سواء كان مهنياً أو غير مهني وأيا كانت درجته، جسيماً كان أو يسيراً، فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه، إذ إن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة، فإذا فرّط في هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية، بسبب تعمّده الفعل أو تقصيره، أو عدم احترازه في أداء عمله، والتزام الطبيب بأداء عمله ليس التزاماً بتحقيق نتيجة، بل ببذل عناية تقتضي منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقة يقظة تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب. وكان توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقبٍ مادام مؤسَّساً على أسانيد مقبولة.
ولفتت هيئة المحكمة إلى أن تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية انتهى إلى ما أورده مَن رأى أن التدخُّل الجراحي الذي خضع له المريض بالمستشفى حدث خلاله خطأ طبي جسيم من جانب الجرّاح الدكتور المتهم، من بداية طريق الشق الجراحي بكيس الصفن وهو ما يخالف المعايير الطبية القياسية المتفق عليها في مثل هذه الحالات، ما أدّى لقطع قناة الحيوانات المنوية وفقد القدرة على الإخصاب بالشكل الطبيعي المعتاد.
ويستلزم الأمر لإنجاب أطفال وسائل تقنية حديثة خاصّة معقدة، ونتج عنه أيضا تضرر الشريان الخصوي الأيمن، ما أدّى إلى ضمورٍ بالخصية اليمنى، وطبقاً لهذا التقرير فإن خطأ الطبيب المتهم، وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر، تكون قائمة بأركانها كافة، وتوافرت لذلك أسباب المسؤولية التقصيرية، وفقاً لقرار المحكمة.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليقان

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *